العربية

قبل أشهر فقط من الانتخابات الرئاسية المقبلة في إيران، وفي خضم حملة أميركية لإعادة التفاوض معها، شهدت الأيام الأخيرة علامات جديدة على التنسيق بين معارضة إيران المنقسمة، وباتت المعارضة اليوم أكثر توحدا لإسقاط النظام، وفقا لإيلان بيرمان المسؤول الأول لمجلس السياسة الخارجية في واشنطن.

وقال بيرمان في مقال له بمجلة "نيوزويك"، إن تقارير ظهرت لأول مرة عن حملة مدنية جديدة أطلقها المنشقون داخل إيران تتسرب بين عناصر المعارضة داخل وخارج البلاد، وذلك تحت شعار "لا للجمهورية الإسلامية"، وذلك خلال الأيام الأخيرة في أسواق إيران والأماكن العامة على شكل ملصقات ورسومات على الجدران وغيرها؟

ويتبنى ولي العهد الإيراني السابق، رضا بهلوي، وكذلك مئات الفنانين المؤثرين والموسيقيين والشخصيات الثقافية، هذه الحملة لإسقاط حكم رجال الدين.

وتاريخياً، تتمزق جماعات المعارضة الإيرانية بسبب الانقسامات الإيديولوجية العميقة والسياسات العرقية المتصدعة التي منعتهم من الالتحام حول رؤية مشتركة أو أجندة سياسية. لكن وعلى النقيض من ذلك تتمتع الحملة الحالية للمعارضة بدعم من جميع الأطياف السياسية الإيرانية، من "الإصلاحيين" الذين دعموا في السابق جمهورية إسلامية أكثر لطفًا، إلى العلمانيين، الذين يدعمون استعادة النظام الملكي القديم. ويبدو أن القاسم المشترك هو الرفض العميق لنظام الحكم الديني الحالي في البلاد.

ويعكس الجهد الجديد المخاطر التي تواجه المعارضة الإيرانية الآن. فمن ناحية، أصبحت الجمهورية الإسلامية حاليًا في أضعف نقطة لها بعد عامين من سياسة "الضغط الأقصى" لإدارة الرئيس الأميركي السابق دونالد ترمب، ما أضعاف النظام الإيراني بشكل عميق، اقتصاديًا وسياسيًا.

وأصبحت القبضة الحديدية لنظام الملالي على البلاد أقل قوة بشكل ملحوظ، ما ألهم أولئك الذين يسعون إلى التغيير الداخلي.

وهذا الصيف، سيذهب الإيرانيون إلى صناديق الاقتراع في الانتخابات الرئاسية المقبلة في البلاد. ومع ذلك، سيتم تحديد نتيجة تلك الانتخابات في نهاية المطاف من قبل المؤسسات الدينية الإيرانية، التي تمارس حق النقض (الفيتو) على المرشحين والإجراءات والنتائج الانتخابية الإجمالية.

وبالفعل هناك مؤشرات على أن تفضيل المؤسسات للرئيس الإيراني المقبل سيكون متشددًا إيديولوجيًا. وهذا بدوره يمكن أن يمهد الطريق لتوطيد السلطة من قبل النظام وتضييق الخناق على المعارضة.

وتزداد احتمالية حدوث هذا السيناريو إذا تم دعم النظام من جديد من قبل الولايات المتحدة. ومنذ توليه منصبه في وقت سابق من هذا العام، سارعت إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن إلى إعادة الانخراط السريع مع إيران باعتبارها حجر الزاوية في سياستها في الشرق الأوسط.

وعلى الرغم من عدم رغبة إيران حتى الآن في استئناف المحادثات المباشرة بشأن برنامجها النووي. لكن المعارضة تخشى من أن تؤدي هذه السياسة في النهاية إلى ترتيب من شأنه أن يعزز بشكل كبير النظام الحالي.

وهذا هو بالضبط ما حدث من قبل. في وقت مبكر من ولايته أدى حرص إدارة الرئيس الأميركي الأسبق باراك أوباما إلى نوع من الصفقة مع القادة الإيرانيين إلى موقف المتفرج في أعقاب إعادة انتخاب محمود أحمدي نجاد الرئاسية المزورة عام 2009، عندما خرج النشطاء إلى الشوارع بالملايين فيما أصبح لاحقًا يعرف بـ "الحركة الخضراء". هذا التقاعس المشؤوم أرسل برقية لزعماء إيران إلى أنهم يستطيعون قمع معارضتهم الداخلية دون عقاب.

على مدى الأشهر التالية، فعل الملالي ذلك بالضبط، وخنقوا "الحركة الخضراء" وسجنوا قادتها. بعد ذلك، أدى تخفيف العقوبات المكثف المباشر وغير المباشر المرتبط بالاتفاق النووي لعام 2015 إلى تعزيز الاستقرار الداخلي لإيران ووضع نظامها على طريق الهيمنة الإقليمية المستمرة.

اليوم تواجه المعارضة الإيرانية خطرا مماثلا. ومنذ أواخر عام 2017 تعرضت إيران لضربة بسبب الاحتجاجات المستمرة وعلى عكس "الحركة الخضراء"، التي بعثت على الأقل ببعض الأمل في إصلاح النظام الحالي، فإن موجة المعارضة اليوم تنبذ بشدة نظام الملالي في إيران ونظامها الإيديولوجي للحكم.

هذه رسالة تسعى الحملة الجديدة لنقلها إلى إدارة بايدن. ومن الواضح أن الأمل بين مؤيديها هو أن يدرك البيت الأبيض ما يعرفونه بالفعل: وهو أن نظام الجمهورية الإسلامية نفسه هو العقبة الرئيسية أمام التقدم الحضاري في وطنهم.