حذر أكاديمي وكاتب إسرائيلي من أن منظومة الدفاع الصاروخي الإسرائيلية المُسماة "القبة الحديدية"، لن تدوم "إلى الأبد"، معتبراً أن التصعيد العسكري الأخير مع الفصائل الفلسطينية في قطاع غزة، اختبر الحد الأقصى لقدرة المنظومة التي تمثل "ركيزة أساسية" لاستراتيجية الدفاع في تل أبيب.
وقال سيث ج. فرانتزمان، وهو كبير مراسلي ومحللي شؤون الشرق الأوسط في صحيفة "جيروزالم بوست" في مقال نشرته مجلة "فورين بوليسي" الأميركية، الخميس، "خلال التصعيد الأخير الذي استمر 11 يوماً قبل التوصل لاتفاق وقف إطلاق النار، أعلن كلا الجانبين النصر، ويتوقع كلاهما جولة أخرى في المستقبل".
وأضاف: "بالنسبة لإسرائيل، كان مفتاح نجاحها هو منظومة القبة الحديدية للدفاع الجوي، التي تستخدم الرادار والصواريخ لاعتراض القذائف والتهديدات الأخرى، بعد أن ساهمت في إبقاء المدنيين الإسرائيليين في مأمن نسبياً من 4340 صاروخا، يقول الجيش الإسرائيلي إنها أُطلقت من غزة".
وأشار إلى أن التصعيد الأخير كان مختلفاً عن العمليات العسكرية السابقة في أعوام 2009 و2012 و2014، كما كان مختلفاً عن مواجهتين استمرتا عدة أيام في عامي 2018 و2019، وما يجعل هذه الجولة مختلفة هو القصف الصاروخي غير المسبوق الذي أطلقته حركة حماس، وتراجع مكاسب إسرائيل عندما محاولة التصدي للحركة.
في المقابل، تعتقد حركة حماس وداعموها في إيران، بحسب الكاتب أن "الحرب الأخيرة كانت ناجحة، بعد اختراق أكثر من 60 صاروخاً مظلة الدفاع الجوي الإسرائيلي، وتمكنهم من استخدام وابل من الصواريخ لاستهداف البنية التحتية الاستراتيجية".
"حدود قصوى"
واعتبر فرانتزمان، وهو مؤلف كتاب "بعد داعش: أميركا وإيران والصراع من أجل الشرق الأوسط"، أن "الرسالة بعد التصعيد الأخير، مفادها أن الدفاعات الجوية الإسرائيلية ربما لا تكون ذات يوم كافية لاعتراض هذه الكميات من الصواريخ، وإسرائيل لن تعترف بذلك، لكن هناك حدود قصوى استراتيجية لهذه التكنولوجيا".
ولفت إلى أن منظومة "القبة الحديدية" التي تحتفل تل أبيب بالذكرى العاشرة لتأسيسها، طورتها وزارة الدفاع الإسرائيلية لمواجهة التهديد المتزايد بإطلاق صواريخ من حزب الله في أعقاب حرب عام 2006، وللتعامل مع تهديدات حماس التي سيطرت على قطاع غزة في عام 2007، وبالتالي أصبحت ركيزة للدفاع الصاروخي الإسرائيلي متعدد المستويات.
وتقول إسرائيل إن نظام "القبة الحديدية" لديه معدل نجاح اعتراض بنسبة 90%، ولا تذكر الحكومة عدد الصواريخ التي تم اعتراضها، لكن في 15 مايو الماضي، قالت إن النظام اعترض ما يقرب من ألف صاروخ من أصل 2300 تم إطلاقها.
مقارنة بذلك، في شهر مايو 2019، اعترضت المنظومة 240 صاروخاً من أصل 690، أُطلقت من غزة خلال تصعيد استمر لفترة قصيرة.
"لن تستمر للأبد"
لكن بطاريات القبة الحديدية، بحسب الكاتب "ليست بلا نهاية وكذلك قذائفها الاعتراضية"، ويظل الهدف من "القبة الحديدية" هو حماية المدنيين وإعطاء الساسة في إسرائيل فرصة لتقرير ما يجب القيام به دون الاضطرار إلى خوض غزو بري.
وإذا سقط ألف صاروخ على المدن الإسرائيلية دون نظام دفاعي، فسيتعين على الدبابات الإسرائيلية، أن تتوغل في غزة لوقف إطلاق الصواريخ، كما حدث في عام 2009.
وهذه المرة، اتبعت إسرائيل خطة اللعبة العسكرية التكتيكية التي استخدمتها، وتتمثل في ضربات جوية دقيقة باستخدام الذخائر، مثل ذخائر الهجوم المباشر أميركية الصنع، لكن التداعيات الدولية تتمثل في "نكسة استراتيجية، وتقويض الردع ضد وكلاء إيران وسط صورة يبدو فيها أن إسرائيل تهاجم، وتقتل المزيد من المدنيين على الرغم من دقة هجماتها".
ومضى الكاتب قائلاً: "على الرغم من سنوات من جمع المعلومات الاستخبارية بشأن المواقع التي هاجمتها إسرائيل، فإن النتيجة توضح أن أنظمة الدفاع الإسرائيلية، مثل القبة الحديدية وتفوقها العسكري، تركتها بلا استراتيجية واضحة على المدى الطويل.
"حقبة جديدة"
وبالنسبة للعديد من المراقبين، ربما تبدو الهجمات الإسرائيلة على غزة وكأنها تمتزج معاً مثل "ضربات فرشاة عريضة متشابهة"، لكن هذا يمثل بداية "حقبة جديدة".
وعلى الرغم من أن منظومة "القبة الحديدية" كانت مفتاحاً لمنع سقوط الصواريخ على تل أبيب وعسقلان والمدن الإسرائيلية الأخرى التي تم استهدافها، لكنها أظهرت أنه لا يوجد حل للمشكلة برمتها التي تمثلها حماس من خلال السيطرة على غزة، وإطلاق الصواريخ على إسرائيل من القطاع.
ورأى الكاتب أن هذا المأزق يخلق نوعاً ما "معضلة صعبة"، بالنظر إلى أن "إسرائيل لن ترفع الحصار الساحلي عن قطاع غزة ما لم تترك حماس السلطة، وتوقف تهريب الأسلحة، في وقت تواصل دول مثل إيران تزويدها بالأسلحة والخبرة، وتوسع ترسانة صواريخها".
"كابوس إسرائيل"
وحذر الكاتب من أن ما وصفه بـ"كابوس إسرائيل" المتمثل في حرب متعددة الجبهات، أصبح "قاب قوسين"، لافتاً إلى أن "القبة الحديدية هي رد تكتيكي على تهديد إقليمي حقيقي".
وأشار إلى أن إسرائيل تتوقع من "حزب الله" اللبناني إطلاق ألفي صاروخ في اليوم خلال الحرب المقبلة، ولكنها خاضت مناورات لضرب ما يصل إلى 3 آلاف هدف يومياً في صراع مستقبلي، وعززت من قدرات أنظمة الدفاع الجوي متعددة المستويات لمثل هذا السيناريو.
ولفت الكاتب إلى أن "القبة الحديدية" عملت كما هو متوقع أثناء التصعيد الأخير، لكنه أظهر أنها لم تكن "عصا سحرية لكسب الحرب أو ردع العدو"، مضيفاً أن "نظرية إسرائيل بشأن الضربات الجوية الدقيقة لمواجهة التهديدات خلفت عشرات القتلى من المدنيين في غزة، وهذا العدد من الخسائر البشرية لم يكن مقبولاً لدى الكثيرين في المجتمع الدولي، وعرّض تل أبيب للضغط من أجل وقف إطلاق النار".
واختتم فرانتر بالقول إن منظومة "القبة الحديدية الإسرائيلية جنبت البلاد أغلب الحروب البرية الخطيرة في العقد الماضي، غير أنها في الوقت الراهن ربما وصلت إلى حدود قصوى استراتيجية"، ما يعني أن كبار قادة الجيش في إسرائيل بحاجة إلى خطة جديدة.
{{ article.visit_count }}
وقال سيث ج. فرانتزمان، وهو كبير مراسلي ومحللي شؤون الشرق الأوسط في صحيفة "جيروزالم بوست" في مقال نشرته مجلة "فورين بوليسي" الأميركية، الخميس، "خلال التصعيد الأخير الذي استمر 11 يوماً قبل التوصل لاتفاق وقف إطلاق النار، أعلن كلا الجانبين النصر، ويتوقع كلاهما جولة أخرى في المستقبل".
وأضاف: "بالنسبة لإسرائيل، كان مفتاح نجاحها هو منظومة القبة الحديدية للدفاع الجوي، التي تستخدم الرادار والصواريخ لاعتراض القذائف والتهديدات الأخرى، بعد أن ساهمت في إبقاء المدنيين الإسرائيليين في مأمن نسبياً من 4340 صاروخا، يقول الجيش الإسرائيلي إنها أُطلقت من غزة".
وأشار إلى أن التصعيد الأخير كان مختلفاً عن العمليات العسكرية السابقة في أعوام 2009 و2012 و2014، كما كان مختلفاً عن مواجهتين استمرتا عدة أيام في عامي 2018 و2019، وما يجعل هذه الجولة مختلفة هو القصف الصاروخي غير المسبوق الذي أطلقته حركة حماس، وتراجع مكاسب إسرائيل عندما محاولة التصدي للحركة.
في المقابل، تعتقد حركة حماس وداعموها في إيران، بحسب الكاتب أن "الحرب الأخيرة كانت ناجحة، بعد اختراق أكثر من 60 صاروخاً مظلة الدفاع الجوي الإسرائيلي، وتمكنهم من استخدام وابل من الصواريخ لاستهداف البنية التحتية الاستراتيجية".
"حدود قصوى"
واعتبر فرانتزمان، وهو مؤلف كتاب "بعد داعش: أميركا وإيران والصراع من أجل الشرق الأوسط"، أن "الرسالة بعد التصعيد الأخير، مفادها أن الدفاعات الجوية الإسرائيلية ربما لا تكون ذات يوم كافية لاعتراض هذه الكميات من الصواريخ، وإسرائيل لن تعترف بذلك، لكن هناك حدود قصوى استراتيجية لهذه التكنولوجيا".
ولفت إلى أن منظومة "القبة الحديدية" التي تحتفل تل أبيب بالذكرى العاشرة لتأسيسها، طورتها وزارة الدفاع الإسرائيلية لمواجهة التهديد المتزايد بإطلاق صواريخ من حزب الله في أعقاب حرب عام 2006، وللتعامل مع تهديدات حماس التي سيطرت على قطاع غزة في عام 2007، وبالتالي أصبحت ركيزة للدفاع الصاروخي الإسرائيلي متعدد المستويات.
وتقول إسرائيل إن نظام "القبة الحديدية" لديه معدل نجاح اعتراض بنسبة 90%، ولا تذكر الحكومة عدد الصواريخ التي تم اعتراضها، لكن في 15 مايو الماضي، قالت إن النظام اعترض ما يقرب من ألف صاروخ من أصل 2300 تم إطلاقها.
مقارنة بذلك، في شهر مايو 2019، اعترضت المنظومة 240 صاروخاً من أصل 690، أُطلقت من غزة خلال تصعيد استمر لفترة قصيرة.
"لن تستمر للأبد"
لكن بطاريات القبة الحديدية، بحسب الكاتب "ليست بلا نهاية وكذلك قذائفها الاعتراضية"، ويظل الهدف من "القبة الحديدية" هو حماية المدنيين وإعطاء الساسة في إسرائيل فرصة لتقرير ما يجب القيام به دون الاضطرار إلى خوض غزو بري.
وإذا سقط ألف صاروخ على المدن الإسرائيلية دون نظام دفاعي، فسيتعين على الدبابات الإسرائيلية، أن تتوغل في غزة لوقف إطلاق الصواريخ، كما حدث في عام 2009.
وهذه المرة، اتبعت إسرائيل خطة اللعبة العسكرية التكتيكية التي استخدمتها، وتتمثل في ضربات جوية دقيقة باستخدام الذخائر، مثل ذخائر الهجوم المباشر أميركية الصنع، لكن التداعيات الدولية تتمثل في "نكسة استراتيجية، وتقويض الردع ضد وكلاء إيران وسط صورة يبدو فيها أن إسرائيل تهاجم، وتقتل المزيد من المدنيين على الرغم من دقة هجماتها".
ومضى الكاتب قائلاً: "على الرغم من سنوات من جمع المعلومات الاستخبارية بشأن المواقع التي هاجمتها إسرائيل، فإن النتيجة توضح أن أنظمة الدفاع الإسرائيلية، مثل القبة الحديدية وتفوقها العسكري، تركتها بلا استراتيجية واضحة على المدى الطويل.
"حقبة جديدة"
وبالنسبة للعديد من المراقبين، ربما تبدو الهجمات الإسرائيلة على غزة وكأنها تمتزج معاً مثل "ضربات فرشاة عريضة متشابهة"، لكن هذا يمثل بداية "حقبة جديدة".
وعلى الرغم من أن منظومة "القبة الحديدية" كانت مفتاحاً لمنع سقوط الصواريخ على تل أبيب وعسقلان والمدن الإسرائيلية الأخرى التي تم استهدافها، لكنها أظهرت أنه لا يوجد حل للمشكلة برمتها التي تمثلها حماس من خلال السيطرة على غزة، وإطلاق الصواريخ على إسرائيل من القطاع.
ورأى الكاتب أن هذا المأزق يخلق نوعاً ما "معضلة صعبة"، بالنظر إلى أن "إسرائيل لن ترفع الحصار الساحلي عن قطاع غزة ما لم تترك حماس السلطة، وتوقف تهريب الأسلحة، في وقت تواصل دول مثل إيران تزويدها بالأسلحة والخبرة، وتوسع ترسانة صواريخها".
"كابوس إسرائيل"
وحذر الكاتب من أن ما وصفه بـ"كابوس إسرائيل" المتمثل في حرب متعددة الجبهات، أصبح "قاب قوسين"، لافتاً إلى أن "القبة الحديدية هي رد تكتيكي على تهديد إقليمي حقيقي".
وأشار إلى أن إسرائيل تتوقع من "حزب الله" اللبناني إطلاق ألفي صاروخ في اليوم خلال الحرب المقبلة، ولكنها خاضت مناورات لضرب ما يصل إلى 3 آلاف هدف يومياً في صراع مستقبلي، وعززت من قدرات أنظمة الدفاع الجوي متعددة المستويات لمثل هذا السيناريو.
ولفت الكاتب إلى أن "القبة الحديدية" عملت كما هو متوقع أثناء التصعيد الأخير، لكنه أظهر أنها لم تكن "عصا سحرية لكسب الحرب أو ردع العدو"، مضيفاً أن "نظرية إسرائيل بشأن الضربات الجوية الدقيقة لمواجهة التهديدات خلفت عشرات القتلى من المدنيين في غزة، وهذا العدد من الخسائر البشرية لم يكن مقبولاً لدى الكثيرين في المجتمع الدولي، وعرّض تل أبيب للضغط من أجل وقف إطلاق النار".
واختتم فرانتر بالقول إن منظومة "القبة الحديدية الإسرائيلية جنبت البلاد أغلب الحروب البرية الخطيرة في العقد الماضي، غير أنها في الوقت الراهن ربما وصلت إلى حدود قصوى استراتيجية"، ما يعني أن كبار قادة الجيش في إسرائيل بحاجة إلى خطة جديدة.