العربية نت

أعلن الزعيم الصيني ماو تسي تونغ عام 1966، (Mao Zedong) قيام الثورة الثقافية أملا في إحكام قبضته بشكل أكبر على البلاد. وخلال الثورة الثقافية، اعتمد ماو تسي تونغ على شباب البلاد المتعصب لأفكاره والواقع تحت تأثير "الكتاب الأحمر"، الذي دوّنت به أقوال ماو تسي تونغ، للحد من تأثير البيروقراطية والقضاء على أعدائه السياسيين والمعارضين المحتملين.

وعلى حسب العديد من التقديرات، أسفرت فترة الثورة الثقافية التي استمرت لعام 1976 عن مصرع ملايين الصينيين. ومن ضمن ضحايا هذه الفترة الدامية من تاريخ الصين، يذكر التاريخ اسم الكاتب والروائي لاو شه (Lao She) الذي اعتبر أشهر وأبرز روائي صيني بالقرن العشرين حيث فارق الأخير الحياة عام 1966 في ظروف غامضة.

أثناء مسيرته الثقافية الحافلة، ألّف لو شه، المعروف أيضا بشو كينغشون (Shu Qingchun) والمولود عام 1899، العديد من الكتب والروايات والقطع المسرحية. وعام 1936، باشر هذا الروائي الصيني بنشر سلسلته الشهيرة الجمل شيانغ تزا (Camel Xiangzi) التي مثلت رواية تراجيدية جذبت الكثير من القراء خلال فترة عانت فيها الصين من ويلات الاحتلال الياباني في خضم الحرب اليابانية الصينية الثانية التي اندلعت عام 1937 وانتهت عام 1945 مسفرة عن وفاة أكثر من 25 مليون صيني.

وبسبب الصراعات التي عانت منها الصين عقب الحرب العالمية الثانية، هاجر لو شه نحو الولايات المتحدة الأميركية واستقر بنيويورك عام 1946. لكن مع إعلان قيام جمهورية الصين الشعبية عام 1949، طلب رئيس الوزراء الصيني تشوان لاي (Zhou Enlai)، الذي شغل هذا المنصب أثناء فترة حكم ماو تسي تونغ، من لاو شه العودة للبلاد بسبب تصنيفه ككاتب الشعب بفضل الشعبية الكبيرة التي حظيت بها رواياته.

وعام 1949، ارتكب لاو شه خطأ كلفه حياته بعد نحو 17 عاما. فعقب موافقته على العودة لبلاده، أثار هذا الروائي قلق السلطات الصينية التي لم تتردد في مراقبته وحذف العديد من الأجزاء بكتبه.

مع بداية الثورة الثقافية بالصين عام 1966، تحوّل لاو شه لعدو للبلاد. ويوم 23 أغسطس 1966، اعتقل الأخير رفقة 20 روائيا آخرين من قبل قوات الحرس الأحمر، الذي تكون من الطلبة والشبان المتعصبين لأفكار ماو تسي تونغ، ونقل بين شوارع بكين في مسيرة مهينة كان الهدف منها إذلاله أمام الحاضرين.

لاحقا، نقل لاو شه نحو معبد كونفوشيوس (Temple of Confucius) ببكين. وهنالك، أقدمت مجموعة تكونت من 150 طفلة على ضربه بالعصي لإهانته وإذلاله أكثر أمام الصينيين قبل أن ينقل فيما بعد نحو أحد مكاتب مسؤولي الثورة الثقافية أين تعرض للتعنيف طيلة ساعات.

في حدود منتصف الليل، أطلق سراح لاو شه الذي عاد لمنزله منهك القوى. ومع حلول ساعات الصباح الأولى ليوم 24 أغسطس 1966، غادر لاو شه منزله ليعثر عليه فيما بعد جثة هامدة بأحد الوديان.

بناء على العديد من تقارير تلك الفترة، أقدم لاو شه على وضع حد لحياته بسبب ما تعرض له من تعذيب وإذلال حيث أصيب الأخير بالإحباط والاكتئاب وفضّل الانتحار. وخلال السنوات التي تلت وفاة ماو تسي تونغ، شككت عائلته في هذه القصة وتحدثت عن تصفية جسدية للروائي من قبل متعصبي الحرس الأحمر.