تقف مجموعة من الشبان في أحد شوارع هامبورج الألمانية، في صفوف متراصة مثل تلك العسكرية، مرتدين زيا موحدا، ويرددون نفس الهتافات.
هكذا يتصرف أحدث جيل من المحسوبين على جماعة الإخوان الإرهابية في ألمانيا، ما يمثل قلقا كبيرا للسلطات في برلين.
وفي الفترة الأخيرة، انتشرت صور لفعاليات هذه المجموعة على موقعي التواصل الاجتماعي فيسبوك وتويتر، بالتزامن مع الاحتجاجات المناوئة للتصعيد في الأراضي الفلسطينية، في مايو/ أيار الماضي.
وتركز وجود الحركة الجديدة في مدينة هامبورج وظهرت في أحيان أخرى ببرلين، وبرزت كحركة موحدة تحت اسم "مسلم انتراكتف" تضم مهاجرين من خلفيات مختلفة، وأجيالا من الألمان المنحدرين من أصول مهاجرة.
وفيما يتعلق بالزي الموحد، يرتدي عناصر المجموعة الجديدة قبعات سوداء ذات نقش مميز، وتيشرت يحمل نفس الرمز واسم الحركة، وكمامة طبية بنفس الرمز، وكلها باللون الأسود.
وبدأت المجموعة الجديدة تنظيم نفسها منذ عام تقريبا عبر الإنترنت، وأنتجت مقاطع فيديو شديدة الاحترافية، تستغل من خلالها مشاهد ووقائع ضد المسلمين، لحشد التأييد وجذب أعضاء جدد.
كما لعبت الحركة على وتر تزايد الهجمات والعنصرية ضد المسلمين في أوروبا على وجه التحديد.
وتنسب هيئة حماية الدستور "الاستخبارات الداخلية" في هامبورج، المجموعة الجديدة إلى حزب التحرير المحظور في ألمانيا منذ عام 2003، والمنبثق عن جماعة الإخوان المسلمين، وفق ما طالعته "العين الإخبارية" في مجلة "دير شبيجل" الألمانية.
وبحسب الهيئة، فإن حزب التحرير يرمي إلى استخدام القوة كوسيلة لتحقيق أهداف سياسية، وفق قرار الحظر الصادر بحقه، ويهدد فكرة التفاهم الدولي.
وعلى الإنترنت، يصف ممثلو منظمة "مسلم إنتراكتف"، أنفسهم بأنهم "نشطاء سياسيون"، ويهاجمون من يصفهم بـ"الإسلاميين" أو "الجهاديين"، ويقولون إن هذه الأوصاف "ليست حقيقية"، مثل أي تنظيم أو مجموعة إسلامية أو منبثقة عن الإخوان في ألمانيا؛ إذ لا توجد أي مجموعة تربط نفسها صراحة بالإخوان، وتفضل الروابط السرية.
ويتابع المجموعة ما يقرب من 6000 مشترك على أنستجرام، وحوالي 2000 على فيسبوك، وتصل مقاطع الفيديو إلى آلاف المشاهدات، وتجذب مئات التعليقات.
ووصف علي إرتان توبراك، السياسي المنحدر من الاتحاد المسيحي الحاكم في ألمانيا، والذي صور مسيرة للمجموعة الجديدة بهاتفه في هامبورج، المسيرة بأنها "استعراض عسكري للقوة".
فيما قالت مجلة دير شبيجل الألمانية "حقيقة أن الإسلاميين يستطيعون جمع آلاف المتابعين خلفهم على قنواتهم في مواقع التواصل الاجتماعي هو أمر يقلق السلطات الأمنية. ويبدو أن جيلاً جديدًا من الإسلاميين يتشكل هنا"، أي في ألمانيا.
ونقلت المجلة عن وزارة الداخلية قولها إنها "مهتمة بالدعاية الحديثة للمجموعة الجديدة"، مضيفة "سلوكها وخطابها خاصة على الإنترنت، مناسب بشكل أساسي لبدء عمليات التطرف أو الترويج لها"،
ولفتت الوزارة إلى أنها "تراقب الأنشطة العامة للمجموعة عن كثب"، رافضة التعليق في الوقت الحالي على إمكانية حظرها.
وفي هامبورج، وضعت هيئة حماية الدستور 300 شخص جدد على قائمة أعضاء حزب التحرير في ألمانيا، بينهم مؤسسو مجموعة "مسلم إنتراكتف".
ويقول ماركو هاس المتحدث باسم الهيئة إن "الجماعة الجديدة تستخدم دائمًا الأحداث الجارية مثل الهجوم العنصري في هاناو أو النقاشات الاجتماعية كأداة لنشر التطرف وتجنيد الأتباع".
وعلى شبكة الإنترنت، تكتب "مسلم إنتراكتف" مرارًا وتكرارًا عن "الاستيعاب القسري" و"ديكتاتورية القيم" التي يواجهها المسلمون في ألمانيا، والتي يجب كسرها.
وماركو هاس مقتنع بأن مثل هذه المصطلحات والطريقة في التجمعات هي التي تجعل المجموعة جذابة كثيرًا للشباب المسلمين عبر الإنترنت.
كما تحاول المجموعة أيضًا الوصول إلى الشباب بطريقة مختلفة عن الجماعات التقليدية، فبدلاً من الجلباب واللحى الطويلة، يرتدي أعضاء المجموعة أغطية للرأس ويتجولون في سيارات باهظة الثمن أثناء الفعاليات.
ووفق دير شبيجل، فإن المجموعة الجديدة تلعب على وجه التحديد، على التناقضات وتجارب الأزمات التي يواجهها الشباب المسلم في ألمانيا، لجعل خطابها جذابا.
كما أنها تعمل وفق طرق واستراتيجيات تشبه كثيرا حركة الهوية اليمينية المتطرفة في أوروبا، وتدق ناقوس خطر من حيل وأجيال جديدة من المتطرفين.بحسب المجلة.