أ ف ب
في ظل تصاعد الأزمات الدولية وتغير ساحات المعارك وقواعد الاشتباك حول العالم، تكثف الجيوش تدريباتها وتنوع تسليحها لمواجهة التهديدات المختلفة.

وتسعى فرنسا، الحليف الرئيسي في حلف شمال الأطلسي، من خلال دباباتها من نوع لوكلير، نسبة إلى فيليب لوكلير أحد قادة القوات الفرنسية في الحرب العالمية الثانية، للعودة بقوة إلى الخارطة العسكرية في العالم.

وقال كيفن، قائد مجموعة في واحدة من دبابات لوكلير "درة سلاح المدرعات الفرنسي"، لوكالة "فرانس برس" خلال تدريبات في منطقة حرجية، "إنها مناطق مستنقعات وأحراج. إسقاط شجرة واحدة ليس مشكلة لكن إسقاط خمسين شجرة أكثر تعقيداً، والعمل في المنطقتين شبه مستحيل".

وأضاف "يمكننا إرسال قذيفة كل 6 ثوانٍ". ويتابع أن "الرغبة في اقتناء الآليات المدرعة تعود، ونحن نعمل على آلية مصنوعة بالفعل لمعارك كثيفة جداً".

وأشار إلى أن "هذا المفهوم يتردد على لسان الجميع من الجنود إلى أعلى المسؤولين في القيادة لأن الأمر يتعلق بواحد من التغييرات الاستراتيجية الجذرية التي سيتواصل تأثيرها لعقود من الزمن".

"حرب المستقبل"

وفضل الجيش الفرنسي، على غرار حلفائه، لفترة طويلة مكافحة التمرد والقتال غير المتكافئ ضد عدو مبعثر ومتنقل جداً لكنه يفتقر إلى التجهيزات، مثل المتطرفين الذين يواجههم في منطقة الساحل.

ولكن مسؤوليه يرون أن "حرب المستقبل ستجري بين قوى متكافئة" بحسب الوكالة، وستكون أكثر فتكاً وإنهاكاً، وستتطلب عدداً أكبر من الجنود، وستكون شاملة -براً وبحراً وجواً وفي الفضاء والإنترنت- بأسلحة متصلة ببعضها، وخصوصاً مدرعات برنامج "سكوربيون" المترابطة بواسطة نظام معلومات حول القتال.

وهذا لا يعني أن الجندي "المعزز" بتكنولوجيا متقدمة لن يحفر الخنادق بعد الآن. ويشكل هذا التحدي محور العرض العسكري بمناسبة العيد الوطني الفرنسي في 14 يوليو بقيادة الجنرال تييري بوركارد الذي سيصبح خلال أيام رئيس أركان القوات المسلحة الجديد.

تغير طبيعة المعارك

أوضح الجنرال بوركارد قبل فترة قصيرة أن "طبيعة الصراع تتغير والدول أعادت تسليح نفسها ولم تعد تتردد في استخدام القوة لفرض إرادتها".

وأضاف "اليوم يتراوح مستوى الاستخدام في قطاع الساحل والصحراء بين ألف و1200 رجل، لكن غداً ستندلع الحرب على مستوى كتائب وفرق، أي ما بين 8 آلاف و25 ألف رجل".

وتُعد فرنسا لتدريب "أوريون" وهي مناورات غير مسبوقة مقررة مطلع العام 2023 بمشاركة 5 آلاف إلى 7 آلاف جندي لمدة 4 أشهر، وقد يبلغ العدد في ذروتها عشرة آلاف جندي.

وقال قائد القوات البرية الفرنسية الجنرال فنسان غيوني، إن "الكثافة العالية لا تتمثل في عدد الدبابات فقط، بل بلوغ حالة إشباع في كل المجالات والتركيز على السلاسة على الصعيد اللوجستي وعدد الجرحى والتدفق على الصعيد الكهرومغناطيسي". وتابع "إنها عودة الحشود إذ يجب التدرب بأعداد أكبر من القوات".

وأكد غيوني "علينا أن نتشدد حيال العدو، وأن نصمد في الظروف الصعبة ونوسع مجالات مواجهتنا". وأضاف أن "هذه الفكرة ينبغي أن يحولها الجيش إلى خيارات استراتيجية". ويتّبع حلفاء فرنسا والعديد من خصومها المنطق نفسه.

زيادة التسليح

وأكد سكوت بوسطن، المحلل في شؤون الدفاع في مركز راند الأميركي للأبحاث، أنه "يتم التركيز على مهمات ردع تقليدي ودفاع على نطاق واسع، لا سيما ضد الأعداء الذين لديهم قوات برية كبيرة جداً وتظل الدبابة مهمة جداً بالنسبة لهم".

ولكن الانتقال لن يتم بدون أضرار. فقانون البرمجة العسكرية الحالي خلال الأعوام (2019-2025) أكثر دقة من النصوص السابقة لكن يتطلب الأمر استثمارات ضخمة للتحضير للكثافة العالية، مع الحفاظ على السرعة المطلوبة لقتال غير متكافئ.

وقالت كامي هارلي فارغاس الباحثة المستقلة المتخصصة في تاريخ الدبابات إن "المعدات ذات الكثافة العالية تكلف مبالغ كبيرة". وأضافت "هل من الممكن التوفيق بين الجانبين؟ الجيش الفرنسي يحاول إيلاء أهمية للأمرين بشكل متساو".

وتابعت "قذائف الهاون التي تُطلق من على دراجة نارية والعبوات الناسفة اليدوية الصنع لن تختفي غداً والعمليات مثل تلك التي تجري في منطقة الساحل أو أفغانستان أو العراق ليست من الماضي".

توتر كورونا

وأدت أزمة كورونا إلى تسريع توجه بدأ منذ سنوات إذ ساد التوتر الجيوسياسي في جميع أنحاء العالم بحسب فارغاس.

وفي هذا الصدد، أشار رئيس الوزراء الفرنسي جان كاستيكس، في يونيو إلى أن "القتال تضاعف في الجو والبحر والقوى الإقليمية اتخذت مواقف استراتيجية بدون احترام القانون الدولي". وتابع "أضيفت إلى التهديد الهائل للإرهاب الشهية المتزايدة لبعض البلدان التي تسعى إلى فرض قوتها".