كشفت مجلة "نيويوركر" الأمريكية في تقرير جديد أن إدارة الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب كانت قاب قوسين من شن حرب على إيران، بعد خسارته في انتخابات الرئاسة الأمريكية.
ويستند التقرير الذي نشرته "نيويوركر" أمس الخميس إلى نحو 200 مقابلة مع مصادر مطلعة مختلفة، ويركز على الصراع الخفي الذي دار في الأشهر الأخيرة من ولاية ترامب بينه ورئيس هيئة الأركان المشتركة الجنرال مارك ميلي الذي حاول منع جر بلاده لحرب جديدة.
وأشار التقرير إلى أن ميلي، بعد الإعلان عن نتائج انتخابات الرئاسة الإيرانية التي جرت في أوائل نوفمبر الماضي، قال للمقربين منه إنه يتخوف من "سيناريوهين كابوسيين"، أولهما هو أن يحاول ترامب الذي رفض الاعتراف بهزيمته الانتخابية استخدام القوة العسكرية لمنع انتقال الحكم، والثاني أن يؤجج نزاعا خارجيا جديدا يشمل إيران.
وكان ميلي حسب التقرير، مقتنعا بأن الولايات المتحدة كانت في ذلك الحين "قريبة جدا" من تطبيق السيناريو الثاني، ما دفعه منذ أواخر 2020 إلى إجراء محادثات هاتفية يومية في الصباح مع كبير موظفي البيت الأبيض مارك ميدوز ووزير الخارجية مايك بومبيو.
وذكر التقرير أن ميلي قارن سلوكه الرامي إلى ضمان الانتقال السلمي للحكم ومنع اندلاع الحرب.
وأشارت المجلة إلى أن ميلي الذي كان على حالة التأهب إزاء ترامب منذ صيف 2020، على خلفية تصاعد التوترات التقى مرارا مع أعضاء هيئة الأركان المشتركة وطلب منهم التأكد من عدم إصدار أي أوامر غير قانونية من رئيس الدولة وعدم تنفيذ أي أوامر من هذا النوع دون إبلاغه مسبقا.
وأوضح التقرير أن ميلي اقتنع لأول مرة بأن خطر جر الولايات المتحدة إلى حرب مع إيران حقيقي في اجتماع عقد في أوائل 2020، إذ أثار أحد مستشاري الرئيس إمكانية اتخاذ إجراءات عسكرية ضد طهران بهدف منعها من الحصول على ترسانة نووية في حال تكبد ترامب هزيمة في الانتخابات.
كما تطرق عدد من مستشاري الرئيس إلى سيناريو اتخاذ إجراءات عسكرية ضد إيران في اجتماع آخر لم يحضره ترامب، ونقل التقرير عن نائب الرئيس مايك بينس قوله ردا على سؤال من ميلي عن سبب إصرار هؤلاء على مهاجمة الجمهورية الإسلامية: "لأنهم أشرار".
وأكد التقرير أن ملف إيران أثير مرارا خلال اجتماعات في البيت الأبيض في الأشهر اللاحقة للانتخابات الرئاسية الأمريكية، حيث أعرب ميلي مرارا معارضته لسيناريو مهاجمة إيران.
وأوضح التقرير أن ترامب كان يصر على شن هجمات صاروخية ردا على "استفزازات ضد مصالح الولايات المتحدة في المنطقة"، فيما كان ميلي يتخوف من خطر أن يؤدي ذلك إلى حرب واسعة النطاق غير مبررة.
وأشار التقرير إلى أن ترامب كان محاطا بـ"صقور" مناهضين لإيران، بالإضافة إلى علاقاته الوثيقة مع رئيس الوزراء الإسرائيلي السابق بنيامين نتنياهو الذي دعا البيت الأبيض أيضا إلى التصرف ضد إيران بعد أن تبين أن ترامب خسر في الانتخابات.
ونقل التقرير عن ميلي قوله لترامب: "إذا فعلت ذلك فسوف تشعل حربا لعينة!"
وانتهى هذا الصراع بين ترامب وميلي في آخر اجتماع جمعهما في الثالث من يناير الماضي، حيث اطلع الرئيس على آخر تقارير الوكالة الدولية للطاقة الذرية بشأن أنشطة طهران النووية.
وقال وزير الخارجية بومبيو ومستشار الأمن القومي في البيت الأبيض روبرت أوبراين في ذلك الاجتماع أن الوقت ضاع ولم يعد من الممكن اتخاذ أي إجراءات عسكرية ضد إيران في ذلك المرحلة، فيما شرح ميلي للرئيس التداعيات المحتملة لمثل هذا القرار، واضطر ترامب في نهاية المطاف إلى الموافقة على براهينه.