توصف سفارة واشنطن في كابول بأنها مدينة مستقلة، لكن انسحاب القوات الأمريكية من أفغانستان، سيجعل ظهر الدبلوماسيين وعمال الإغاثة مكشوفا.
وأبرز تقرير لصحيفة "واشنطن بوست" الأمريكية التحديات الدبلوماسية والأمنية، بعد قرار الرئيس جو بايدن سحب القوات الأمريكية بحلول نهاية أغسطس/ آب، وهي خطوة شجعت حركة طالبان، التي كثفت حملتها لاستعادة الأراضي، وعمقت المخاوف من احتمال انهيار حكومة كابول.
والسفارة هي مدينة في حد ذاتها، بحيث تضم مكاتب وشققا ومطاعم ومرافق للتمارين الرياضية، إذ يوجد فيها حوالي 1400 مواطن أمريكي، كجزء من إجمالي قوة العمل البالغة 4000 شخص.
وعلى الرغم من وعد بايدن بتنفيذ انسحاب عسكري كامل، سيبقى حوالي 650 جنديًا أمريكيًا مقسمين بين مجمع السفارة ومطار كابول الدولي، والذي يمثل الآن شريان حياة محتمل للأجانب الذين قد يحتاجون إلى الإخلاء على عجل.
وستعمل بعض القوات على تشغيل أنظمة مضادة للصواريخ تعرف باسم سي- آر إيه إم إس، والتي تحتوي كل منها على مدافع جاتلينج التي تطلق 4500 طلقة في الدقيقة.
مهمة مدنية "صعبة"
وتتساءل الصحيفة عن مدى إمكانية استمرار البعثة الدبلوماسية الأمريكية في كابول، وفقا لتاريخ أفغانستان غير المستقر ومستقبلها المجهول.
ويصف المسؤولون الحاليون والسابقون مجموعة من العقبات التي يتعين على مجموعة من العاملين المدنيين في السفارة الأمريكية المحصنة في كابول اجتيازها، من جائحة فيروس كورونا وشبح إخلاء دبلوماسي محتمل يضاعف الصعوبات الكبيرة الملازمة للعمل في أفغانستان.
وقد قامت بالفعل عدة دول، بينها فرنسا والصين، بإجلاء مواطنيها من أفغانستان، في وقت لم تظهر فيه محادثات السلام بين طالبان والحكومة الأفغانية سوى القليل من علامات التقدم.
هوجو لورينز، الذي شغل منصب كبير الدبلوماسيين الأمريكيين في أفغانستان خلال عهد الرئيسين باراك أوباما ودونالد ترامب، يقول إنه "في ظل غياب دعم عسكري في كابول، تصبح مهمة السفارة الأميركية أكثر تعقيدًا وخطورة وصعوبة".
واعتبر مسؤول كبير سابق مطلع على المهمة في أفغانستان، أن انعدام الأمن، وموقع البلاد غير الساحلي في آسيا الوسطى، والجغرافيا، والفقر المدقع، والانقسامات القبلية والعرقية تسهم في صعوبة المهمة المدنية.
وأشارت الصحيفة الأمريكية إلى أنه خلال السنوات العشرين التي انقضت منذ شن الولايات المتحدة أولى غاراتها الجوية في أفغانستان، طغت المهمة العسكرية إلى حد كبير على عمل وزارة الخارجية والوكالة الأمريكية للتنمية الدولية والوكالات المدنية الأخرى.
وفي ذروة "الطفرة المدنية" التي رافقت زيادة القوات في عهد أوباما في عام 2010، تم حشد عمال الإغاثة والدبلوماسيين في القنصليات للعمل خارج مجمع السفارات الضخم في كابول، الواقع على أطراف منطقة دبلوماسية وحكومية محصنة في جميع أنحاء البلاد في محاولة لتهيئة الظروف لتحقيق مكاسب أمنية دائمة.
مساعدات في مهب الريح
ووفقا للصحيفة كانت جهود بناء الدولة الأفغانية، التي تضمنت في السابق خططًا طموحة لتحديث البنية التحتية وتحويل اقتصاد البلاد، مليئة بأمثلة على الفشل. وفقًا للمفتش العام الخاص بإعادة إعمار أفغانستان، وهو كيان رقابي مستقل أنشأه الكونغرس، فٌقد ما لا يقل عن 19 مليار دولار من 134 مليار دولار أمريكي من دافعي الضرائب الأمريكيين الذين أنفقوا على الأمن والتنمية والمساعدات الإنسانية منذ عام 2002 بسبب الهدر والاحتيال وسوء المعاملة - وربما أكثر بكثير.
كما ساهمت المساعدة في تحسينات كبيرة للأفغان، بما في ذلك تخفيضات كبيرة في معدل وفيات الرضع والأطفال، وزيادة متوسط العمر المتوقع للإناث من 47 إلى أكثر من 60 عامًا.
وسيؤدي الانسحاب العسكري من تقليل تنقل المسؤولين الذين يشرفون على حقيبة المساعدات المالية، ما يزيد من صعوبة ضمان إنفاق أموال دافعي الضرائب على النحو المنشود.
وتتوقع الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية إنفاق ما يصل إلى 500 مليون دولار على مساعدات أفغانستان في عام 2021، علما بأن البلاد أكبر متلق للمساعدات الأمريكية عام 2019، وفقا لـ "كونسيرن وورلدوايد" وهي أكبر وكالة مساعدات إنسانية في أيرلندا.