يبدو أن الرئيس الإيراني الجديد إبراهيم رئيسي لن ينعم بفترة رئاسية هادئة مع بدء محاكمة مسؤول إيراني سابق بالسويد في قضية "مذبحة 1988".

صحيفة الجارديان البريطانية وفي تقرير لها تزامن مع تنصيب "رئيسي" بولاية أولى له في طهران، الثلاثاء، أكدت أن محاكمة حميد نوري قد تكشف مزيدا من "التفاصيل المدمرة" حول دور الرئيس الإيراني الجديد في عملية الإعدام عندما كان مدعيا في ذلك الوقت.

والأسبوع الماضي، اتهمت السلطات السويدية الإيراني حميد نوري (60 عاما) بارتكاب "جرائم حرب وقتل" فيما يتعلق بموت أكثر من 100 معارض وسجين سياسي خلال العام الأخير من حرب 1980-1988 بين إيران والعراق.

ومن المقرر أن تبدأ محاكمة نوري في 10 أغسطس/آب الجاري، بعد اعتقاله في السويد عام 2019 أثناء زيارته لأقاربه.

وجرت الثلاثاء مراسم تنصيب رئيسي المتشدد رئيسا لإيران؛ حيث كان واحدا من 4 قضاة عملوا في لجنة سرية تم تشكيلها عام 1988 لاستجواب آلاف السجناء.

وحاول "رئيسي" مرارًا وتكرارًا نفي أي مسؤولية عن أحكام الإعدام التي صدرت بحق ما يقرب من 5 آلاف سجين من المعارضة الإيرانية التي تقول جماعات حقوق الإنسان - منظمة العفو الدولية بينها - إنه تم إعدامهم في إيران في ذلك العام.

وقال رئيسي إنه كان يتصرف بناءً على أوامر وأن عمليات القتل الجماعي "مبررة بفتوى" من المرشد الأعلى الإيراني الراحل - والأب المؤسس لثورتها - آية الله الخميني، بحسب الجارديان.

لكن مدعين سويديين، أكدوا الأسبوع الماضي أنه في يوليو/تموز وأغسطس/آب 1988 ، كان نوري مساعدًا لنائب المدعي العام في سجن جوهاردشت على بعد حوالي 12 ميلاً (20 كم) غرب طهران ، حيث تم إعدام مئات السجناء المرتبطين بالمعارضة.

أما المتهم "نوري" فهو مشتبه في مشاركته في عمليات الإعدام الجماعية هذه، وعلى هذا النحو ، قتل عمداً عدد كبير من السجناء.

كما يواجه اتهامات بتعريض السجناء لمعاناة شديدة تعتبر تعذيبا ومعاملة غير إنسانية، بحسب صحيفة الاتهام السويدية.

بدورها، قالت المدعية العامة السويدية كريستينا ليندهوف كارلسون إن القضية مرفوعة بموجب مبدأ الولاية القضائية العالمية، والذي يسمح للمحاكم الوطنية بمحاكمة المتهمين في جرائم خطيرة للغاية بغض النظر عن مكان ارتكابهم.

وأضافت كارليسون: "تُظهر التحقيقات المكثفة التي أسفرت عن لائحة الاتهام هذه أنه على الرغم من ارتكاب هذه الأفعال خارج أراضي السويد وقبل أكثر من ثلاثة عقود، إلا أنها يمكن أن تخضع لإجراءات قانونية في السويد".

وأوضحت أن "نوري" المتورط في إعدام المعارضين الإيرانية يعد انتهاكًا لاتفاقية جنيف، مؤكدة أن تواطؤه في هذا الأمر بعد انتهاء الحرب العراقية الإيرانية يعتبر جريمة قتل بموجب قانون العقوبات السويدي.

في الوقت نفسه، قال محامي نوري لوكالة الأنباء الفرنسية إنه نفى جميع التهم الموجهة إليه واعتقلت الشرطة الرجل الخطأ.

وأضاف المدعي، نصر الله مراندي، وهو سجين سابق في جوهاردشت أنه شعر بـ "الفرح" عند سماعه بالتهم الموجهة إليه.

كان أكثر من 150 من نشطاء حقوق الإنسان بمن فيهم الحائزون على جائزة نوبل ورؤساء دول أو حكومات سابقون ومسؤولون سابقون في الأمم المتحدة، في مايو/آيار الماضي، إلى إجراء تحقيق دولي في حوادث القتل عام 1988.

ولطالما دعت منظمة العفو الدولية وغيرها إلى إجراء تحقيق رسمي في دور الرئيس الإيراني الجديد إبراهيم رئيسي فيها.

وفي نوفمبر/تشرين الثاني 2019، رحبت أجنس كالامارد المقررة الأممية المعنية بالإعدامات التعسفية والجائرة، باعتقال السلطات السويدية نائب المدعي العام الإيراني الأسبق حميد نوري، لتورطه في إعدامات جماعية لمعارضين قبل عقود.

وتعد هذه المرة الأولى التي يحاكم فيها أحد المتورطين في الإعدامات الجماعية، التي راح ضحيتها آلاف السجناء السياسيين داخل إيران قبل 3 عقود.

وشهد صيف عام 1988 إعدام 30 ألف سجين سياسي تقريبا داخل السجون الإيرانية، أغلبهم من أعضاء منظمة مجاهدي خلق (معارضة) إلى جانب جماعات أخرى ناهضت سياسات نظام المرشد الإيراني السابق الخميني، الذي أعطى أوامر لمسؤولين قضائيين بإصدار إعدامات لهم.