جرائم بالشهود، وإعدامات بالأسماء، توثق صفحة من مجازر النظام الإيراني عام 1988، بحق معارضيه داخل السجون،

جرائم تتزامن ذكراها مع انطلاق محاكمة أحد أبرز المتهمين بتلك المجازر بالسويد، هو القاضي السابق حميد نوري، الذي كان عضوا بـ"لجان الموت"، التي شكلت بأمر المرشد الراحل آية الله الخميني عام 1988، وأعدمت آلاف السجناء المعارضين.

حينها كان النظام الإيراني الخارج لتوه من حربٍ الثماني سنوات، مع العراق المجاور، قد تفرّغ لإبادة معارضيه بالداخل، فتوجه قادته بأمرٍ من المرشد إلى السجون المليئة بالمعارضين السياسيّين من حركة "مجاهدي خلق"، ومؤيدي النظام الملكي، والناشطين اليساريّين.

و"مجزرة 1988" أو "مجزرة إيران الكبرى"، أو "مجزرة السجناء السياسيين"، أو "مجزرة درب الحرية"، كلها أسماء لواقعة واحدة جرت أحداثها صيف عام 1988 عقب انتهاء الحرب الإيرانية-العراقية، قبل أن تشرع طهران في تصفية المعارضين لنظام الخميني بوحشية.

تلك المجازر بحق المعارضين، بدأت في شهر أغسطس/ آب من العام 1988، بمحاكمات صورية، وإعدامات سرية وسريعة، نفذها بحماس جلادو النظام، من أعضاء "لجنة الموت"، بمن فيهم الرئيس الحالي إبراهيم رئيسي، ونائب المدعي العام حميد نوري، والنتيجة قتل وإخفاء آلاف السجناء السياسيين في إيران.

وفي شهادة نادرة من صلب النظام الحاكم، قال علي رازيني، أحد المسؤولين القضائيين البارزين في طهران سابقا، إن محاكمات المعارضين في ذلك الوقت تمت على نحو "سريع جدا" بناء على أوامر من المرشد الإيراني الأسبق الخميني.

وأكد رازيني خلال مقابلة مع التلفزيون الإيراني الرسمي، قبل سنوات قليلة، أن جلسات محاكمات أولئك الأشخاص لم تستغرق بضع دقائق في بعض الأحيان.

مجزرة السجون، لم ترحم أما ولا مسنّا، ولم تستثن براءة الطفولة؛ ففرقت شمل مواطنين إيرانيّين؛ ذنبهم الوحيد إبداء معارضتهم لنظامٍ يستصرخ فيهم الطاعة العمياء.

وتكشف روايات الناجين من تلك المجازر، وذوو الضحايا فظاعة، ما ارتكبته آلة القمع الإيرانية بحق السجناء، وذويهم، في جروح لم تندمل رغم مرور عقود من الزمن.

وتتحدث منظمة العفو الدولية، عن آلاف ضحايا القتل غير المسجلين، ومثلها من الجثث المفقودة؛ المدفونة في مقابر جماعية مجهولة في جميع أنحاء البلاد.

بل إن رجل الدين الإيراني الراحل آية الله علي منتظري، يقدر في مذكراته عن إعدام المعارضين، القضاء على حوالي 3800 سجين، أشرفت "لجنة الموت" على "تطهيرهم"، بدمٍ بارد.

وتقدّر منظمة مجاهدي خلق المعارضة، الضحايا ممن تم شنقهم بما لا يقل عن 30000 في جميع أنحاء إيران، تاركة أمهات ثكلى وأطفالا ميتمين، بل إن أسرا بكاملها أبيدت في المجازر.

المنظمة المعارضة تقول إن الخميني أصدر حينها فتوى تأمر بذبح السجناء السياسيّين، وشكلت لتنفيذ المجازر ما لا يقل عن 35 لجنة في جميع أنحاء إيران.

وتحيي "مجاهدي خلق"، التي ينتمي إليها غالبية من طالهم الإعدام، ذكرى مجزرة 1988، كل عام، وتطالب بمحاكمة مرتكبي المذبحة وعلى رأسهم الرئيس الحالي إبراهيم رئيسي، وأعضاء لجنة الموت، التي تضم أيضا وزير العدل السابقين مصطفى بور محمد، وعلي رضا آوايي.

وظلّ أعضاء لجنة الموت بعيدين عن المحاسبة، إلى أن اتخذ القضاء السويدي قرارا بمحاكمة نائب المدعي العام -حينها- حميد نوري، المتهم بقتل السياسيّين، حيث تعقد في ستوكهولم اليوم الثلاثاء أولى جلسات محاكمته.