قناة الحرة
قال العديد من أكراد إيران الذين لجأوا إلى شمال العراق أنهم يعانون أوضاعا معيشية قاسية وسوء معاملة بالإضافة إلى أنهم مهددون بالترحيل والاغتيالات، وفقا لما ذكرت صحيفة "إندبندنت" في تقرير استقصائي.

وأوضحت الصحيفة أنها وصلت إلى تلك النتائج بعد أن أجرت سلسلة من المقابلات مع 20 من طالبي اللجوء والمهاجرين الأكراد الإيرانيين، ومسؤولين في الأحزاب الكردية الإيرانية المعارضة ونشطاء حقوق الإنسان، واثنين من النواب الأكراد العراقيين، وممثلين عن الوكالات المعنية مثل المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين.

مأساة بهزاد

ويقول اللاجئ، عكو (اسم مستعار) والبالغ من العمر 25 عاما إنه كان شاهد عيان على الأيام الأخيرة من حياة صديقة، بهزاد محمودي، الذي قضى في مايو الماضي بأحد المستشفيات بعد أن أضرم النار في نفسه احتجاجا على ظروفه المعيشية اليائسة وما اعتبره إهمالاً من قبل المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين.

وكان بهزاد، وهو طالب لجوء كردي إيراني، قد أحرق نفسه خارج مقر الأمم المتحدة في أربيل، عاصمة إقليم كردستان العراق، وهنا يتذكر، عكو، تلك الأيام قائلا: "لقد كان صديقي يبكي بشدة قبل أن يموت وقال لي إنه لم يكن يرغب في إنهاء حياته بهذا الشكل".

ويتابع عكو: "بعد ذلك أقدم على خياطة فمه لمدة أربعة أيام احتجاجا على الظروف التي يعاني منها أكراد إيران في إقليم كردستان، خاصة وأنه لم يتمكن من العثور على عمل لدفع الإيجار".

وأكد عكو أن كل ما يحلم به في الوقت الحالي هو "مغادرة كردستان العراق"، مردفا: "لا يهمني أين أذهب، أريد فقط الابتعاد عن هذه الحياة المحفوفة بالمخاطر".

"ممنوعون من التسجيل"

أما آزاد، البالغ من العمر 28 عامًا، ويقطن مع أخيه بيت متواضع بحي فقير في أربيل، فيقول: "جميع الناس في إيران يعانون الجوع وليس لديهم وظائف ولا مال"، لافتا إلى أنه غادر بلاده إلى إقليم كردستان بشكل غير قانوني في أبريل من العام الماضي بعد أن فقد الأمل في تحسن الأوضاع في إيران.

ولفت آزاد (اسم مستعار) إلى أن الحياة في منفاه صعبة الغاية، قائلا إنه عندما يتمكن الحصول على عمل فإنه يكون مؤقتا وشاقا ويأخذ أكثر من 12 ساعة من وقته بشكل يومي ليتقاضى أجرة تتراوح بين 15 ألف و20 دينار (10 إلى 13 دولار أميركي تقريبا)، مردفا أن ذلك ليس أفضل مما قد يكسبه في إيران، لكنه يتمسك بالأمل في بناء حياة أفضل لابنته البالغة من العمر خمس سنوات.

وإذا كان آزاد لم يمضِ عليه وقت طويل في كردستان العراق، فإن حسين كريمي، 52 عامًا، كان قد هرب من إيران بعد عام من ثورة الخميني في العام 1979.

وهو موجود في العراق منذ ذلك الحين، قائلا إنه لا يزال يعيش أوضاعا غير عادية منذ ذلك الوقت، فإقليم كردستان ليس دولة مستقلة حتى يمنحه الجنسية، وبالتالي فإنه هو وأمثاله يضطرون إلى تجديد تصاريح الإقامة في عملية مطولة وبيروقراطية كل 6 أو 12 شهرًا.

وزاد: "هذه التصاريح لا تسمح لنا بالخروج من إقليم كردستان ولا تضمن لنا التنقل دون عوائق عبر نقاط التفتيش الداخلية، كما أنه ممنوع علينا تسجيل شركات أو سيارات أو أرقام هواتف محمولة بأسمائنا".

قتل واغتيال

ولا تقف مشاكل اللاجئين الأكراد عند هذا الحد، فهم أيضا معرضون للقتل والاغتيال، فخلال العام الماضي وحده، لقي العديد من النشطاء السياسيين مصرعهم في ظروف مريبة.

وخلال الشهر الحالي، عُثر على، موسى باباخاني، وهو مسؤول كبير في حزب سياسي كردي إيراني معارض، جثة هامدة في أحد فنادق أربيل .

ويقول أحد مساعديه السابقين إن "موسى كانت نشطا للغاية في التواصل مع المجتمع المدني في محافظة كرمانشاه بإيران، وهي المنطقة الأكثر حساسية بالنسبة للنظام في طهران".

وفي حادثة أخرى، قُتل عضو في حزب كردي إيراني معارض آخر بالرصاص خارج السليمانية قبل بضعة أسابيع، مع توجيه أصابع الاتهام لعملاء إيرانيين، حيث تصنف طهران جماعات المعارضة الإيرانية المتمركزة في إقليم كردستان على أنها منظمات إرهابية لديها أجنحة مسلحة.

ولا يقتصر خطر الاغتيال على المعارضين السياسيين، فالكثير من النشطاء الحقوقيين معرضون أيضا للقتل كما يوضح الصحفي والمدافع عن حقوق الإنسان، محمد أميني، 38 عامًا، الذي أُجبر على الفرار من إيران في العام 2007 بعد تلقيه تهديدات من قوات الأمن .

وقال أميني، الذي يعيش حاليا مدينة السليمانية: "نحن هنا في خطر داهم، فقوات الأمن الإيرانية تضغط علينا وتهددنا، وكردستان العراق ليست مكاناً آمناً لنا، ولذلك علينا أن نرحل إلى بلد ثالث يضمن سلامتنا وحياتنا".

ويقول العديد من طالبي اللجوء الأكراد الإيرانيين إنهم يشعرون بالتخلي عنهم، وأن الحكومات والوكالات الدولية ذات الصلة غير مهتمة أو غير راغبة في الوفاء بمسؤولياتها، وذلك بسبب ضغوطات طهران أو الجمود البيروقراطي.

وفي مقابلة في بغداد، قال النائب الكردي العراقي ريزان شيخ دلر: "لا حكومة إقليم كردستان ولا الحكومة المركزية في بغداد مهتمتان، فقد تم اقتراح العديد من مسودات التشريعات المتعلقة باللاجئين منذ عام 2014، لكنها ألغيت قبل أن يجري التصويت عليها في البرلمان".

وأوضح الشيخ دلر أن "حكومة إقليم كردستان تخشى النظام الإيراني، وبالتالي هي ليس قادرة على أي فعل أي شيء للاجئين السياسيين"، مردفا: "بعد العام 2003 أصبحت الحكومات العراقية ومؤسساتها أكثر ارتباطا بطهران، ولذلك كان من المستحيل وضع قوانين خاصة باللاجئين".

ولم يتسن لصحيفة "إندبندنت" الحصول على تعليق من حكومة كردستان أو وزارة الهجرة والمهجرين في بغداد.

ويستضيف إقليم كردستان حاليًا أيضًا ما يقرب من مليون نازح عراقي آخر ولاجئ، بما في ذلك سوريون وأتراك وفلسطينيون، وفقًا لأحدث البيانات الرسمية.

وقال متحدث باسم المفوضية في العراق إن القيود المتعلقة بوباء كوفيد-19 تسببت في "تأخيرات لا مفر منها" في عمليات تسجيل الهويات وتجديدها، وأن الانكماش الاقتصادي العالمي قد أثر على قدرة البلدان المانحة على توفير التمويل في جميع أنحاء العالم، بما في ذلك العراق.

ويضيف المتحدث باسم المفوضية، أنه بعد حادثة حرق بهزاد محمودي وقت سابق من هذا العام "عززت مفوضية الأمم المتحدة السامية لشؤون اللاجئين حوارها مع ممثلي المجتمع المدني بشأن القضايا الجوهرية، ولا يزال بابنا مفتوحًا لجميع اللاجئين وطالبي اللجوء في العراق".