24 يوما تفصل عن انتخابات تشريعية مفصلية في ألمانيا، لكن المستشارة أنجيلا ميركل لا تدعم الاتحاد المسيحي الحاكم إلا على استحياء.
تباطؤ المستشارة التي تحظى بشعبية جارفة، في دعم الاتحاد الذي ترأسته لمدة 18 عاما، في وقت يعاني فيه صعوبات كبيرة في استطلاعات الرأي، يثير كثيرا من الشكوك وعلامات الاستفهام في ألمانيا.
وخلال الأسابيع القليلة الماضية، كان المشهد السياسي في ألمانيا يمر بفترة غليان، فيما الأحزاب تتبادل المقاعد في استطلاعات الرأي على طريقة لعبة الكراسي الموسيقية.
ميركل في "عالم آخر"
وعلى وقع ذلك، يسجل الاتحاد المسيحي نسبا متراجعة لم يسجلها من قبل في تاريخه الطويل، فيما كانت ميركل في عالم آخر.
فالمستشارة كانت تفكر بشكل مختلف، وتهتم بسلسلة جولات دولية ومؤتمرات، فيما يشبه نشاط الوداع، إذ أنها تترك السلطة بنهاية الفترة التشريعية الحالية بعد قرارها الطوعي بالتقاعد.
وفي خضم هذه الأنشطة، لم تظهر ميركل في فعاليات الاتحاد المسيحي الحاكم سوى مرة واحدة مؤخرا، ولم تحاول التدخل بشكل مباشر ودعم الاتحاد أو مرشحه للمستشارية أرمين لاشيت بقوة.
واستمر هذا الوضع رغم تسجيل الاتحاد المسيحي 20% فقط من نوايا التصويت في استطلاع نشر قبل أيام، وهي أسوأ نسبة في تاريخ المحافظين، وبات يتخلف عن الحزب الاشتراكي الديمقراطي "25%"، بخمس نقاط كاملة.
ويرى مراقبون أن امتناع ميركل عن المشاركة بقوة في حملة الاتحاد المسيحي الانتخابية خطير للغاية ويهدد فرص الأخير في الانتخابات المقررة في الـ26 من الشهر الجاري.
وفي هذا الإطار، قال رئيس معهد إنسا لقياس اتجاهات الرأي العام (خاص)، هيرمان بينكرت: "جزء كبير -حوالي ثلث- ناخبي الاتحاد المسيحي صوتوا له في الانتخابات السابقة بسبب ميركل.. لقد حشدت المستشارة في السابق، العديد من الناخبين حتى من مؤيدي حزب الخضر (يسار) من أجل الاتحاد".
وتابع "الوضعية الحالية تهدد بفقدان الاتحاد هذه النسبة الكبيرة من الناخبين".
لمن ستصوت ميركل؟
واعتبر بينكرت أنه "إذا قامت ميركل بالترويج لحزبها وأرمين لاشيت عن قناعة، فإن ذلك سيساعد كليهما كثيرًا"، لكنه قال إن "الاتحاد المسيحي وميركل لم يعدا شيئا واحدا"، ملمحا إلى انفصال سياسي بين الطرفين.
وفي معسكر أرمين لاشيت، يشعر البعض بالسخط، ويتساءلون "هل ستستمر ميركل في التصويت بشكل شخصي لصالح الاتحاد المسيحي في الانتخابات المقبلة؟ أم أنها تحتفظ سرا بتصويتها من أجل مرشحة حزب الخضر للمستشارية أنالينا بربوك؟، وفق ما نقلته صحيفة بيلد الألمانية عن مصادر مطلعة لم تسمها.
وفي أوقات كثيرة، جلست ميركل وبربوك جنبا إلى جنب تحت قبة البرلمان، ويفترض أنهما تمتلكان علاقة شخصية جيدة، بل نظر مراقبون لمرشحة الخضر كثيرا على أنها خليفة ميركل قبل أن تغرق المرشحة في مشاكل إدارية كلفتها فقدان كثير من الشعبية.
وتوجهت بيلد بسؤال إلى شتيفن زايبرت المتحدث باسم ميركل، هل ستصوت المستشارة للاتحاد المسيحي في الانتخابات؟
لكنه رد قائلا: "الانتخابات في ألمانيا حرة وسرية"، ما أضاف مزيدا من الشكوك.
وما يزيد الأمور تعقيدا، أن ميركل حتى في ظهورها الوحيد في مؤتمر الاتحاد المسيحي الرسمي لإطلاق الحملة الانتخابية مؤخرا، لم تقل بوضوح أنها ستصوت له.
ورغم حديثها في المؤتمر عن أنها مقتنعة بعمق أن لاشيت سيصبح مستشارا، إلا أنها لم تجد كلمات كافية لمدحه، غير أن "المسيحية كانت دائما بوصلته"، وفق بيلد.
ويقول عالم السياسة يورغن فالتر: "يبدو أن ميركل نأت بنفسها عن الاتحاد، ويبدو أنها ليست مقتنعة تمامًا بخليفتها المحتمل لاشيت".
ويتابع "من المحتمل أن تكون العلاقة مع لاشيت قد تصدعت بسبب اجتماعات أزمة كورونا خلال العامين الماضيين"، حيث كان حاضرا لرئاسته حكومة ولاية شمال الراين ويستفاليا (غرب) وكان دائم الخلاف مع موقف الحكومة الاتحادية.