طوال عقدين، أنفقت واشنطن وحلفاؤها مئات ملايين الدولارات على إنشاء قواعد بيانات للشعب الأفغاني، وقد باتت اليوم في أيدي طالبان.
وكان الهدف النبيل المعلن هو تعزيز النظام والقانون ومساءلة الحكومة وتطوير الدولة التي مزقتها الحرب.
ومع سيطرة حركة طالبان الخاطفة على السلطة، يبدو أن معظم هذا النظام، بما في ذلك القياسات الحيوية للتحقق من الهويات، سقط في أيدي طالبان، بحسب وكالة "أسوشيتد برس" الأمريكية.
وذكرت الوكالة أنه تم بناء النظام بقليل من إجراءات حماية البيانات، مشيرة إلى المخاوف من أن تستخدمه طالبان في الرقابة الاجتماعية ومعاقبة الأعداء المتصورين.
وأشارت الوكالة الأمريكية إلى أن تسخير تلك البيانات في العمل البنّاء –من تعزيز التعليم، وتمكين النساء، والتصدي للفساد– يتطلب استقرارا ديمقراطيا.
وقال فرانك باسكوال، الباحث في تقنيات المراقبة بكلية بروكلين للحقوق: "إنها مفارقة مروعة. إنه التطبيق الفعلي لمقولة الطريق إلى الجحيم مفروش بالنوايا الحسنة".
ومنذ سقوط كابول في 15 أغسطس/آب الماضي، ظهرت مؤشرات تفيد بأن بيانات الحكومة ربما تم استخدامها ضمن جهود طالبان لتحديد وتخويف الأفغان الذين عملوا مع القوات الأمريكية.
وقال متعاقد أمريكي (27 عاماً) في كابول لـ"أسوشيتد برس" إنه وزملاءه الذين طوروا قاعدة البيانات الممولة أمريكيا التي استخدمت في إدارة كشوف رواتب الجيش والشرطة، تلقوا اتصالات هاتفية تستدعيهم إلى وزارة الدفاع في أفغانستان.
وأوضح أنه يختبئ منذ ذلك الحين، ويغير مكانه يوميا، وطلب عدم ذكر اسمه حفاظا على سلامته.
وطبقًا للوكالة، فإن كثيرا من الأفغان غير مستعدين للوثوق في طالبان، وبينهم علي كريمي، الباحث في جامعة بنسلفانيا، الذي يشعر بالقلق بشأن أن قواعد البيانات ستمنح الحركة "نفس القدرة التي تتمتع بها وكالة حكومية أمريكية عادية عندما يتعلق الأمر بالمراقبة والاعتراض".
لكن لدى طالبان علم بأن العالم يشاهد كيف سيستخدمون البيانات.
وقال نادر نادري، مفاوض ورئيس لجنة الخدمة المدنية بالحكومة السابقة، إن جميع الأفغان وشركاءهم الدوليين لديهم التزام تجاه التأكد من استخدام بيانات الحكومة فقط "لأغراض التنمية" وليس للرقابة الاجتماعية من قبل طالبان أو لخدمة حكومات أخرى بالمنطقة.
وأضاف مسؤول أمني كبير من الحكومة الأفغانية السابقة إن قاعدة بيانات القوات الأفغانية مسجل عليها أكثر من 700 ألف من أعضاء قوات الأمن وتعود لـ40 عاما.
وأشار متعاقدان أفغانيان عملا على قاعدة البيانات، وطلبا عدم كشف هويتهما، إلى وجود أكثر من 40 خانة بيانات تتضمن تواريخ الميلاد، وأرقام الهواتف، وأسماء الآباء والأجداد، وبصمات الأصابع ومسوح العين والقزحية.
وأكد المسؤول السابق، الذي طلب أيضًا عدم كشف هويته، أن المستخدمين المصرح لهم فقط من يمكنهم الوصول للنظام، لذا إن لم تعثر طالبان على تصريح، فيمكن توقع أن يحاولوا اختراقه.