أظهر قرار طالبان الإبقاء على عمدة مدينة كابول في منصبه، حجم التحديات التي تواجه الحركة في إدارة المدن الكبرى بأفغانستان.
وكشفت صحيفة وول ستريت جورنال الأمريكية، عن أن عمدة كابول، محمد داود سلطان زوي يحمل الجنسية الأمريكية، ورفض مغادرة البلاد، إثر سقوط العاصمة الأفغانية بيد حركة طالبان منتصف الشهر الماضي، ووافق على الاستمرار في عمله لإدارة شؤون المدينة التي يقطنها حوالي 5 ملايين نسمة.
ويعد سلطان زوي، البالغ من العمر 66 عامًا، في الوقت الحالي أبرز مسؤولي إدارة الرئيس السابق أشرف غني الذي استمر في منصبه، بعد سيطرة طالبان.
وفي مقابلة مع الصحيفة الأمريكية، قال سلطان زوي من مكتبه الذي يتقاسمه الآن مع أحد كبار مسؤولي طالبان: "أنا لست منخرطًا في أي من سياساتهم، لكني هنا لأنني مسؤول أمام سكان كابول، وقد قررت الالتزام بهذه المسؤولية."
وأشار سلطان زوي إلى أنه في اليوم التالي لسقوط العاصمة، وخلال سعى الآلاف من أعضاء الحكومة السابقة للفرار عبر المطار الذي تسيطر عليه الولايات المتحدة، اتصلت طالبان به وطلبت منه البقاء وأكدت له أنها تضمن سلامته.
وكفلت عودته إلى منصبه استمرار بعض الخدمات البلدية الحيوية في العاصمة، مثل جمع القمامة والصرف الصحي، دون انقطاع.
وكشف قرار طالبان الاستعانة بسلطان زوي عن تعقيدات الفترة الانتقالية لأفغانستان، فضلاً عن محاولات الحركة للانتقال من تمرد ريفي إلى حكومة قادرة على إدارة دولة يبلغ عدد سكانه 40 مليون نسمة وإدارة مدنها الحديثة مثل كابول.
ويشارك سلطان زوي مكتبه عضو حركة طالبان حمد الله نعماني، القائم بأعمال عمدة كابول، والذي شغل منصب عمدة العاصمة الأفغانية ووزيرا في حكومة طالبان قبل الغزو الأمريكي عام 2001.
وسافر سلطان زوي إلى الولايات المتحدة في سبعينيات القرن الماضي، لدراسة الطيران في جامعة ميامي، وحصل في وقت لاحق على الجنسية الأمريكية.
وعقب المشاركة في مؤتمر بون 2001 الذي رسم المستقبل السياسي لأفغانستان، عاد إلى البلاد لتمثيل منطقة عائلته، التي أصبحت الآن جزءًا من ولاية غزنة جنوب شرقي أفغانستان، في البرلمان الأفغاني الجديد.
وتخلى سلطان زوي عن جواز سفره الأمريكي لخوض الانتخابات الرئاسية في أفغانستان عام 2014، لكنه حصل على 0.46% فقط من الأصوات.
ولا تزال زوجة سلطان زوي، وهي مذيعة تلفزيونية سابقة وقد توجت بلقب ملكة جمال أفغانستان عام 1972، وأبناؤه يحملون الجنسية الأمريكية، ويتواصلون بشكل يومي مع "العمدة" عبر تطبيق واتساب.
وفر أكثر من 100 ألف أفغاني، الكثير منهم من النخبة المثقفة في كابول، من البلاد بعد فرار غني من العاصمة في 15 أغسطس ودخلت طالبان المدينة دون قتال. وحاول عشرات الآلاف غيرهم دخول المطار الذي تسيطر عليه الولايات المتحدة وفشلوا في الصعود على متن رحلات الإجلاء الشهر الماضي.
ولفت إلى أن حوالي ثلثي عمال بلدية كابل البالغ عددهم 8000 عامل قد عادوا للعمل مرة أخرى، باستثناء النساء، اللائي يمثلن 5 بالمئة من الموظفين، إذ طلبت منهن طالبان التزام بيوتهن
ولم يتلق أي شخص، بما في ذلك سلطان زوي، أي رواتب عن الأشهر الثلاثة الماضية لأن الحكومة السابقة كانت قد أخرت المدفوعات، فيما تواجه إدارة طالبان الجديدة أزمة سيولة نقدية.
وجمدت الولايات المتحدة وحلفاؤها الشهر الماضي نحو تسعة مليارات دولار من احتياطيات البنك المركزي الأفغاني، وعلقت معظم المساعدات والوصول إلى المقرضين الدوليين، مما أدى تعطل النظام المالي في البلاد، وبالتالي لا يستطيع معظم سكان العاصمة دفع أي ضرائب للبلدية.