قالت صحيفة "التايمز" البريطانية إن إيران تستغل اللامبالاة الأمريكية في لبنان المصاب بالشلل لزيادة نفوذها.
جاء ذلك في مقال لـ"ريتشارك سبنسر" مراسل الصحيفة لشؤون الشرق الأوسط، أكد خلاها أن بيروت هي العاصمة الرابعة التي تسقط تحت سيطرة طهران بينما تفقد الولايات المتحدة اهتمامها بالشرق الأوسط.
وأضاف سبنسر أن "ثمة جاذبية، كوميدية تقريبا، للدول التي تنغمس في سوء إدارة شديدة. نضحك على كوريا الشمالية، بالرغم من استبدادها ومجاعاتها. نسخر من ديكتاتوريات آسيا الوسطي والانقلابات في أمريكا اللاتينية، رغم كل الأهوال الموثقة جيدا التي يتعرضون لها."
وأوضح أن لبنان ليس بنفس درجة الاستبداد، لكنه سرعان ما أصبح هدفا للسخرية، بالرغم من فداحة الخسائر البشرية لانهياره الاقتصادي والسياسي شبه الكامل.
وأشار إلى أن "آخر نكتة" جاءت نهاية هذا الأسبوع عندما أغلقت شبكة الكهرباء الوطنية نفسها، قائلًا: "لقد قرأت ذلك بشكل صحيح: إليك دولة حديثة، في الشرق الأوسط الغني بالنفط، ومجموعة كاملة من محطات الطاقة، التي فشلت بطريقة ما في التأكد من أن إمدادات الوقود كافية".
وتابع: "سواء كنت تشغل ثلاجة (أو تدير عملًا تجاريا)، تشعل الأضواء أو تعيد شحن الهاتف فسيعتمد ذلك من الآن فصاعدا بشكل كامل على ما إذا كان بإمكانك الاشتراك في مولد خاص لبضع ساعات في اليوم".
وأشار سبنسر إلى أن الـ18 شهرا الماضية كانت سيئة على البلاد، وكانت الكارثة الأكثر إذهالا هي الانفجار الذي وقع بمرفأ بيروت العام الماضي، الذي لقى فيه 200 مصرعهم، ثم اتضح أن السلطات كانت على دراية بمخزون نترات الأمونيوم القابلة للاحتراق لسنوات.
وأضاف مراسل الصحيفة البريطانية أن الخطابات التي كتبها الساسة وموظفو الحكومة والقضاة والجيش لبعضهم البعض بعد شهر على الحادث تفسر بشكل مهذب لماذا كانت تلك مشكلة شخص آخر، وليس مشكلتهم.
وطرح سبنسر سؤالا: "هل يجب أن يهتم أحد من خارج لبنان؟"، قائلًا إن بريطانيا لديها مشاكلها الخاصة، "وحتى إذا كانت طوابير الوقود الخاصة بنا أقصر، وخلافنا مع الاتحاد الأوروبي لا يشبه خطورة التصدعات التي تقسم الشرق الأوسط".
وتابع: "ومع ذلك، نحتاج تركيز طاقاتنا على انقساماتنا الاجتماعية، والميزانيات، والحدود. إذا لم نتمكن من إنقاذ أفغانستان، حيث استثمرنا كثيرا من الوقت والأرواح، لماذا يجب علينا (بريطانيا) أو أمريكا التدخل في لبنان، الدولة الصغيرة التي يعيش فيها خمسة ملايين نسمة؟".
وأشار إلى أن هذا كان الموقف العام للبيت الأبيض في عهد إدارة كل من دونالد ترامب وجو بايدن، وأن كلاهما ملتزم بـ"التمحور" بعيدا عن الشرق الأوسط، تجاه آسيا. وما يعنيه ذلك بالنسبة لآسيا هو سؤال آخر، أما ما يعنيه بالنسبة إلى الشرق الأوسط فهو الإهمال، والأمل في أن تجد المنطقة حلولا لمشاكلها.
ولافت إلى أنه منذ غزو العراق عام 2003، وسعت إيران نفوذها السياسي في بغداد، ودمشق، وصنعاء، عبر الحرب الأهلية في اليمن. ودفع صعود حزب الله في لبنان للادعاء بأنهم "يسيطرون على أربع عواصم عربية".
وطبقًا لمراسل "التايمز"، فهذه السيطرة ليست كاملة بأي حال من الأحوال، لكن انتهرت طهران الفرصة، وبدأت إرسال وقود ديزل بسعر مخفض عبر ناقلة، وتعرض بناء محطتين طاقة جديدتين.
وفجأة، بدأت الولايات المتحدة تنتبه، وبدأت متأخرة في التفاوض على إمدادات وقود بديلة مع حلفائها الإقليميين. وتتحدث بريطانيا وفرنسا والولايات المتحدة بشأن زيادة دعمهم للجيش اللبناني.