العربيةستعلن إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن سياستها الأمنية تجاه الشرق الأوسط في خطاب لوزير الدفاع لويد أوستن خلال مشاركته في مؤتمر البحرين للحوار، وتقوم هذه السياسة على مبادئ "العزم والالتزام والتعاون".
لويد أوستن هو أول عضو كبير في إدارة بايدن يتحدث عن سياستها في المنطقة بمقاربة شاملة، ويفهم الأميركيون أن هناك الكثير من التساؤلات حول التزامات الرئيس الأميركي تجاه الشركاء والأصدقاء والحلفاء في المنطقة، وسعى مسؤول كبير في وزارة الدفاع الأميركية للتمهيد لهذا "الخطاب الإعلان" بالتحدّث إلى الصحافيين المعنيين بمنطقة الشرق الأوسط وأمن منطقة الخليج، وطلب عدم ذكر اسمه.
الأميركيون باقون
اعترف المسؤول الكبير لدى حديثه إلى الصحافيين، ومن بينهم "العربية" و"الحدث"، بأن "هناك الكثير من التساؤلات في المنطقة حول انخراط الولايات المتحدة وعودة المفاوضات مع إيران، والحديث عن توزيع القوات الأميركية حول العالم والتزام الولايات المتحدة في المنطقة، لذلك سيؤكد الوزير أن الولايات المتحدة "تحتفظ بعشرات الآلاف من الجنود في العديد من القواعد العسكرية في المنطقة"، وفي إشارة لافتة أوضح المسؤول في وزارة الدفاع أن الوزير أوستن سيؤكد أن الولايات المتحدة "تعمل جاهدة لبقاء قواتها في العراق وسوريا في مهمة للمساعدة في محاربة داعش".
ومن الواضح أن إدارة بايدن سمعت أصواتاً كثيرة في الشرق الأوسط وهي تشكك في "عزمها والتزامها" وتحاول الآن طمأنة هذه الأطراف الصديقة إلى أن لديها نظريات محددة لمتابعة الالتزام في المنطقة، وتقوم هذه النظرية على القول "إن الولايات المتحدة قوة عالمية وتحتاج لتعديل خريطة انتشار قواتها وأنها قادرة على الانتشار والتمتع بالقوة بسرعة".
أبعد من العتاد والجنود
وأضاف المسؤول في وزارة الدفاع الأميركية أن الالتزام الأميركي لا يتوقف على العتاد الموجود في المنطقة، وبعضه يتمّ نقله من المنطقة، مثل بطاريات "باتريوت" المضادة للصواريخ والطائرات، ويقول إن هناك في المقابل "حجم المبيعات العسكرية والتدريب والمناورات المشتركة والطلاب من الشرق الأوسط الذين يدرسون في الكليات الحربية الأميركية، وإمكانيات تطوير القدرات والإمكانيات العسكرية الأميركية في منطقة القيادة المركزية"، وأضاف المسؤول الأميركي "أن الالتزام الأميركي يمتد إلى ما هو أبعد من نشر القوات".
مسألة نشر القوات الأميركية في منطقة الشرق الأوسط حملت منذ عقود الكثير من النقاشات، ومع كل إدارة أميركية جديدة تقوم وزارة الدفاع الأميركية بدراسة هذا الانتشار، وربما كررت كل الإدارات الأميركية منذ أوائل التسعينات رغبتها بخفض عدد القوات ثم عادت والتزمت بمستوى عال من القدرات العسكرية خصوصا في الخليج العربي.
المثير للانتباه مع إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن أن رموزها، مثل وزير الخارجية الحالي أنتوني بلينكن أشار حتى قبل فوز بايدن بالرئاسة إلى أن الولايات المتحدة ليست مهتمة كثيراً بالشرق الأوسط وكانت تلك إشارة إلى تكرار تجربة الرئيس أوباما بالتوجّه شرقاً أي باتجاه المحيط الهادئ ومواجهة الصين وترك الشرق الأوسط.
وسيلة "ذكية"
الآن تريد إدارة بايدن القول إن هناك ضرورتين وليس ضرورة واحدة، وهي مواجهة الخطر الصيني المتصاعد وفي الوقت ذاته الاحتفاظ بقوات في الشرق الأوسط ويجب إيجاد وسيلة "ذكية" لمواجهة التهديدات الأمنية الإيرانية، ولا يتردد المسؤولون العسكريون مثل الجنرال فرانك ماكنزي قائد المنطقة المركزية في تكرار الإشارة إلى هذا الخطر، وكانت المرة الأخيرة يوم الخميس 17 من الشهر الجاري في مؤتمر المجلس الوطني للعلاقات الأميركية العربية في واشنطن.
المسؤول في وزارة الدفاع الأميركية تحدث إلى الصحافيين وأشار إلى هذا الأمر أيضا وقال إن المنطقة تواجه "مخاطر عديدة عابرة للحدود" واعتبر أن هذه المخاطر لا يمكن معالجتها أحادياً او ثنائياً مثل كوفيد-19 وأزمة المناخ وهجمات المسيرات الإيرانية والتصرفات غير الآمنة في المياه الدولية ومشكلة اللاجئين الناتجة عن تصرفات داعش، وسيشدّد الوزير لويد أوستن على "التعاون وتعدّد الأطراف" وسيدعو الوزير أوستن إلى "مزيد من التعاون والمشاركة في الدفاع والعمل المشترك على مستويات مختلفة لمواجهة تحديات القرن الواحد والعشرين والتعامل معها وإحباطها".
قوة ولا "ردع"
ما يغيب إلى حدّ كبير جداً عن لغة الإدارة الحالية هو "مفهوم الردع"، وتبدو إدارة بايدن وكأنها تتحاشى استعمال المفهوم أو التعبير عنه في تعاملها مع منطقة الشرق الأوسط والتهديدات الإيرانية.
المسؤول في وزارة الدفاع الأميركية قال لدى سؤاله حول هذا الموضوع إن الوزير أوستن أشار في وقت سابق إلى أن مبدأ الردع بالنسبة له يقوم على كل منصات العمليات وبالتعاون بين جميع القوى العسكرية، وأضاف المسؤول إلى "أن مبدأ الردع مطبّق على إيران، والإيرانيون لا يعملون على استفزاز مواجهة تقليدية معنا، سيخسرون"، وأضاف "أنهم يلجؤون إلى تقنيات رخيصة ويمكن التفلت من مسؤوليتها، ويمارسون ضغوطات على الولايات المتحدة وشركائها للتفريق بيننا"، وأعطى مثالاً على ذلك بأن إيران تسلّح ميليشياتها وتمول تنظيمات إرهابية وتهاجم دولا صديقة للولايات المتحدة.
"لا حلّ عسكريا"
وأضاف المسؤول في وزارة الدفاع الأميركي أن "ليس هناك حلّ عسكري لذلك" أي مشكلة التهديدات الإيرانية وميليشياتها.
هذا الإعلان يتناقض تماماً مع مقاربة الإدارة الأميركية السابقة برئاسة دونالد ترمب التي أعلنت على لسانه وعلى لسان وزرائه أن أي هجمات للميليشيات الموالية لإيران سيتمّ الردّ عليها بقوة، ثم اعتبرت أن أي هجمات من ميليشيات تابعة لإيران ستتحمّل إيران مسؤوليته وسيكون الردّ عليها مباشرة.
أما إدارة بايدن فتقول الآن إنها تعمل على منع إيران من التخفّي وراء تصرفات ميليشياتها، وقال المسؤول في وزارة الدفاع الأميركية "المسألة لا تتعلّق بالمجموعات الأمنية وشبكة التهديدات، بل بالفساد والتطهير العرقي وكل ما يتبع النفوذ الإيراني".