العربية
أعادت حادثة طرد دورية روسية من بلدة المزرعة السورية التابعة لمحافظة السويداء والواقعة جنوب البلاد، إلى الواجهة الوضع في المنطقة التي تقطنها أغلبية من الطائفة الدرزية، والتي يمتنع الآلاف من شبانها عن الالتحاق بالخدمة العسكرية التي يفرضها النظام السوري على كلّ شابٍ أتمّ الثامنة عشرة من عمره.
وفي التفاصيل، ذكرت مصادر محلّية أن أهالي بلدة المزرعة التي تقع في منتصف الطريق الذي يربط محافظة السويداء بدرعا أن "المعلومات المنتشرة صحيحة وبالفعل طرد الأهالي أول أمس، دورية للشرطة العسكرية الروسية، بينما كان عناصرها المسلّحون يسعون لتقديم مساعداتٍ إليهم"، وهو أمر تكرر سابقاً في مناطقٍ أخرى بمحافظة السويداء، حيث طرد السكان الدوريات الروسية علناً.
وتابع الناشط المدني أن "المجتمع المحلي في السويداء ينظر إلى الروس كطرفٍ خذلهم بعد عدم التزامهم بالوعود التي قطعوها، حتى إن بعض أفراد المجتمع يرون فيها قوة محتلة رغم أنهم عند بداية قدوم الدوريات الروسية إلى المحافظة كانوا يفضّلونها على القوات الإيرانية أو المدعومة من طهران لاسيما مع رفض الأهالي للتمدد الإيراني وتغيير هويتهم الاجتماعية".تسوية روسية
وفي هذا السياق، أكد شادي صعب، الناشط المدني ومؤسس منظمة "توليب" لدعم الطفل والمرأة أن "الدوريات الروسية طُرِدت من منطقة المزرعة لرفض جماعات مسلّحة من البلدة الموافقة على تسوية روسية تم طرحها في وقتٍ سابق، بالإضافة إلى وجود احتقان مجتمعي ضد موسكو لعدم التزام المسؤولين الروس بالوعود التي قطعوها للأهالي".
كما أضاف لـ"العربية.نت": "على سبيل المثال تعهد مسؤولون روس في الصيف الماضي، بحماية محاصيل أهالي السويداء، لكن هذا لم يحصل، فالنيران أحرقت مساحاتٍ شاسعة من القمح، ولذلك تضاعفت نقمة الأهالي على موسكو لاسيما مع الصعوبات المعيشية التي يواجهونها، ولهذا السبب رفضوا الحصول على مساعداتٍ روسية وطردوا دورياتها من أكثر من بلدة".
وتمتاز بلدة المزرعة برمزية خاصة لجهة تأسيس فصائل مسلّحة فيها عارضت النظام السوري منذ بدء الحرب التي اندلعت شرارتها في البلاد قبل نحو عقدٍ من الزمن، فقد أُعلِن فيها عن تأسيس حركة "رجال الكرامة"، وكما نشط فيها جماعاتٍ مسلحة أخرى منها "كتائب المقداد" و"قوات شيخ الكرامة"، وهي كلها مناوئة للنظام.
استمرار حالات الخطف
تتزامن هذه المناوشات بين الأهالي والدوريات الروسية مع استمرار حالات الخطف والسطو المسلّح في محافظة السويداء وأريافها. وبحسب معلومات حصلت عليها "العربية"، فإن أغلب هذه العمليات يتم تنفيذها على يد عصابات من سكان المنطقة يحظون بغطاءٍ من النظام السوري.
ورغم أن الأهالي يعرفون بعض قادة هذه العصابات، فإنهم يتجنبون الاقتتال الداخلي وسقوط الضحايا، بهدف المحافظة على السلم الأهلي لاسيما أن النظام يحاول استغلال حوادث السطو المسلّح وعمليات الخطف لإعادة بسط سيطرته الكاملة على المحافظة، بحسب المصدر السابق.
يشار إلى أن محافظة السويداء، نأت بنفسها عن الصراع العسكري المستمر في سوريا، فقد امتنع شبّانها منذ الأشهر الأولى عن الحرب السورية، الالتحاق بالخدمة العسكرية لدى قوات النظام. ويتراوح عددهم بين 30 و40 ألفاً. وتقول مصادر أخرى غير حكومية إن أعداد أولئك الشبان أكبر بكثير، بحيث تقدرّها بنحو 60 ألف شاب.
ويقتصر وجود قوات النظام في محافظة السويداء على بعض الفروع الأمنية ومسلّحين مؤيدين له من أبناء المنطقة، وهو وجود رمزي يشبه تواجد النظام في مربعاتٍ أمنية في المدن ذات الغالبية الكردية، كما هي الحال في مدينتي الحسكة والقامشلي.
ولدى السويداء، جماعات مسلّحة من أبناء المحافظة، وقد دافعت عنها حينما حاولت تنظيمات متشددة من بينها تنظيم "داعش" الهجوم على أريافها في صيف العام 2018.