الشرق الأوسط
تعرض الرئيس الأميركي جو بايدن أول من أمس (الخميس)، لصفعات سياسية مؤلمة بعد أن تلقى ضربة موجعة من اثنين من أعضاء حزبه الديمقراطي الذين رفضوا مساندته لتمرير تشريع يتناول حقوق التصويت.
وفي اليوم نفسه، تلقى بايدن صفعة سياسية أخرى، حيث أعلنت المحكمة العليا رفض قراره بفرض اللقاح المضاد لفيروس «كوفيد - 19» على العاملين بشركات القطاع الخاص في كل الولايات، والذين يقدر عددهم بأكثر من 80 مليون موظف.
وتأتي خسائر بايدن السياسية في قضيتين رئيسيتين في غضون ساعات، لتلقي بظلال قاتمة على البيت الأبيض، وفي وقت تدخل فيه إدارة بايدن عام انتخابات التجديد النصفي للكونغرس وتكافح من أجل توحيد الحزب الديمقراطي وتحقيق أهداف أجندة بايدن التشريعية.
وكان بايدن وعد بحماية حق الأقليات في الوصول إلى صناديق الاقتراع وبشفافية عمليات الاقتراع، في مواجهة كثير من التعديلات التي تدخلها ولايات محافظة وجمهورية، على القوانين الانتخابية، لا سيّما في جنوب البلاد.
لكن اعتراض كل من السيناتورة الديمقراطية كريستين سينيما والسيناتور الديمقراطي جو مانشن أظهر انقساماً عميقاً في وحدة الحزب الديمقراطي وهشاشة موقف الرئيس بايدن وقدرته على توحيد حزبه.
وألقت السيناتورة كريستين سينيما خطاباً دافعت فيه عن قاعدة المماطلة في رفض سريع قبل أقل من ساعة من وصول بايدن إلى مبنى الكابيتول، ما أظهر زيارة بايدن تبدو كأنها مضيعة للوقت. وتعترض السيناتورة سينيما على المناورة البرلمانية التي توصلت إليها القيادة الديمقراطية والبيت الأبيض من أجل تجاوز تعطيل المعارضة الجمهورية في الكونغرس.
ومن دون صوتها لا يمكن تمرير المشروع، إذ إن المعسكر الديمقراطي يحظى بـ51 صوتاً في مجلس الشيوخ، بمن فيهم صوت نائبة الرئيس كامالا هاريس، بينما يحظى الجمهوريون بخمسين صوتاً.
وتعد هذه هي المرة الثانية في أقل من شهر، يبدو فيها الديمقراطيون منقسمين، حيث واجهت خطة بايدن المتعلقة بالمناخ والإنفاق الاجتماعي والبالغ تكلفتها 1.85 تريليون دولار انقساماً واعتراضات من كتلة التقدميين في الحزب الديمقراطي.
وفي انتكاسة أخرى، أعلنت المحكمة العليا مساء الخميس، أن إدارة بايدن ليست لها السلطة لفرض أخذ اللقاحات للشركات التي يعمل بها ما لا يقل عن 100 عامل، وقالت إنه على الرغم من أن الكونغرس منح إدارة السلامة والصحة المهنية سلطة تنظيم الأخطار المهنية، فإنه لم يمنح تلك الوكالة سلطة تنظيم الصحة العامة على نطاق واسع، وإن المطالبة بتلقيح 84 مليون أميركي لمجرد أنهم يعملون لدى أرباب عمل لديهم أكثر من 100 موظف يقع في هذه الفئة الأخيرة.
وساند ثلاثة من القضاة الليبراليين في المحكمة هذا الاتجاه بعد أسبوع من المرافعات. وفي الوقت نفسه، أعطت المحكمة الضوء الأخضر لمطلب تلقيح العاملين في الرعاية الصحية. ويقوض هذا الحكم من استراتيجية إدارة بايدن لمحاصرة الوباء وسط زيادات قياسية في أعداد الإصابات. وتكافح إدارة بايدن منذ توليها السلطة لمحاصرة الوباء، وأعلنت استراتيجية موسعة لمكافحة انتشار متحورات «كوفيد - 19»، لكن متحور أوميكرون انتشر بسرعة وأدى إلى ارتفاعات كبيرة في الإصابات.
وبعد صدور الحكم، قال البيت الأبيض في بيان، إن الرئيس بايدن يشعر بخيبة أمل، لأن المحكمة منعت قاعدة أخذ اللقاحات، لكن أشاد بالحكم الذي يؤيد شرط حصول العاملين في مجال الرعاية الصحية، مؤكداً أنه سينقذ أرواح العاملين في المرافق الصحية.
وفي محاولة لتسليط الأضواء على قضايا أخرى، أعلن بايدن صباح الجمعة، توفير تمويل 27 مليار دولار كاستثمارات توجه لصالح إصلاح الجسور. وأعلن البيت الأبيض عن دعوة عدد كبير من الحزبين الجمهوري والديمقراطي يوم الاثنين، لحفل توقيع مشروع قانون البنية التحتية. وتأتي تلك الانتكاسات السياسية قبل أسبوع من الوعد المقرر لإحياء بايدن ذكرى العام الأول في منصبه كرئيس للولايات المتحدة، وهي لحظة مخصصة عادة للاحتفال بنجاحات وإنجازات الرئيس الأميركي خلال عامه الأول. لكن يبدو أن إخفاقات إدارة بايدن ستطغى على انتصاراته.
والترجمة الفعلية لهذه الانتكاسات السياسية تعني أن بايدن لديه مساحة ضيقة جداً للمناورات السياسية وتمرير أجندته، حيث يتعامل مع كونغرس لا يتحكم فيه رغم الأغلبية البسيطة لحزبه، ويواجه حكام ولايات معارضة بشدة لسياسات في مجالات حق الإجهاض وحق التصويت وإدارة استراتيجية لتفشي الوباء ومحكمة عليا أصبحت ميولها محافظة ومتشددة بعد التعيينات التي أجراها الرئيس السابق دونالد ترمب. وقد يخسر بايدن أغلبية أصوات الكونغرس بعد بضعة أشهر خلال انتخابات التجديد النصفي، إذا فاز عدد كبير من الجهوريين وسيطروا على الشيوخ والنواب. وفي تلك الحالة سيصبح مكبّلاً في تمرير أي تشريعات حتى الانتخابات الرئاسية المقبلة.
وتتزامن تلك الانتكاسات مع معاناة الاقتصاد الأميركي من ارتفاعات غير مسبوقة في مستويات التضخم وصلت إلى 7 في المائة، ما يعوق التعافي الاقتصادي الذي وعد به بايدن الناخبين الأميركيين وعودة الحياة الطبيعية بعد الفوز في حرب محاصرة وباء «كوفيد - 19».
وأظهر استطلاع جديد للرأي لمعهد راسموسن تدني معدلات التأييد للرئيس بايدن، حيث أظهر الاستطلاع نسبة قبول بلغت 33 في المائة فقط، في أحدث سلسلة من الاستطلاعات الأخيرة التي تعد مؤشراً واضحاً لتراجع شعبيته. وأظهر استطلاع راسموسن الذي أعلن نتائجه أول من أمس (الخميس)، أن 39 في المائة من الناخبين الأميركيين أيدوا أداء بايدن الوظيفي بينما عارضه 59 في المائة. وقالت المتحدثة باسم البيت الأبيض للصحافيين يوم الخميس: «إن ما يظهر في معظم الاستطلاعات هو إحباط وإرهاق حقيقي جراء فيروس كورونا، ونحن نتفهم ذلك».