فرانس برس

في إحدى ضواحي موسكو، يقول مدوّنان إنهما يتعرّضان لمضايقات قانونية، وخطيئتهما على حدّ قولهما، هي كشف فساد السلطات المحلية على طريقة المعارض أليكسي نافالني المسجون منذ عام.

وكوروليوف البلدة الصغيرة التي تبعد ستة كيلومترات عن موسكو هي عاصمة "الفضاء" الروسية. وتضم Tsoup مركز التحكم برحلات الفضاء.

وأخذ كل من إيغور غريشين (25 عامًا) ورومان إيفانوف (48 عامًا) على عاتقهما مهمة هناك: التحرك من أجل الحفاظ على المباني التاريخية والحدائق المهددة بسبب جشع المطورين والإدارة المحلية، كما يقولان.

ويُظهر إيغور منطقة فرونزي التي يدافع عنها في مدوّنته: 20 منزلاً صغيرًا متعدد الألوان من طابقين إلى أربعة طوابق تم بناؤها بين عامي 1946 و1953 حيث أقام رواد البرنامج الباليستي السوفياتي وأول قمر صناعي سبوتنيك وسيرغي كريوكوف وكونستانتين بوشوييف.

وبحسب قوله يحلم المطورون العقاريون بهدم هذه الضاحية الصغيرة المسيجة بالأشجار واستبدالها بأبراج رمادية لا روح لها تضم 25 طابقا.

ويقول "أحب كوروليوف لقد ولدت فيها وأريد الدفاع عما أحب".

- هاتف وعصا سلفي في مواجهة فساد السلطة -

مسلّحا بهاتف وعصا سيلفي، يؤكد غريشين وايفانوف معارضتهما للسلطة في بلد باتت وسائل الاعلام المستقلة تُعدّ على أصابع اليد الواحدة.

ومنذ اعتقال أليكسي نافالني في 17 كانون الثاني/يناير 2021، زادت الضغوط على الصحافة والمدوّنين والمعارضين. وتطول القوائم الرسمية لـ "العملاء الأجانب" - ويصنفون بأعداء الدولة - و"المتطرفين".

ويؤكد رومان إيفانوف الذي كان صحافيًا لأكثر من 20 عامًا أنّه طُرد من قناة تلفزيونية عامة في أيار/مايو الماضي لأنه أنشأ قناته على يوتيوب "Honest Koroliov" والتي تضم اليوم 5000 مشترك.

ويضيف وهو جالس في مقهى في المدينة "استدعاني مديري ليبلغني بإقالتي لأنني حسب قوله لم أكن ممتنّاً لمن منحني وظيفتي". ويوضح "في روسيا اليوم حلت الدعاية محل الصحافة".

وأنشأ قناته على يوتيوب في عام 2019 بعد مشاركته في تظاهرة ضد رئيس البلدية آنذاك الذي اتهم بالإستفادة من صلاته بمطوري العقارات.

وفي مقاطع الفيديو التي ينشرها ينتقد رومان أيضًا التزوير الانتخابي ويتّهم المسؤولين البلديين بالسعي لتدمير الحدائق والمعالم الأثرية وخصخصة شقق مملوكة للدولة بشكل غير قانوني.

وردا على سؤال لوكالة فرانس برس عن هذه الاتهامات، لم يصدر أي تعليق عن بلدية كوروليوف.

وبالنسبة لرومان فإن التحقيقات في فساد كبار المسؤولين التي نشرها أليكسي نافالني وفريقه على الإنترنت منذ سنوات هي مثال على "الصحافة الاستقصائية".

ويقول ايغور غريشين رئيس تحرير المدونة المستقلة "Official Koroliov" على موقع الشبكة الاجتماعية الروسية فكونتاكتي "في مدينتنا يتمّ تمويل جميع وسائل الإعلام تقريبًا من قبل الإدارة. ما تبقّى هو الإنترنت ومواقع التواصل الاجتماعي".

لكن حتى المجموعات الرقيمة العمالقة ليست محصنة: فقد فرضت على فيسبوك وتلغرام ويوتيوب غرامات لا سيما لنشر محتوى ينتقد السلطة واعتبر غير شرعي. اضطرت آبل وغوغل إلى إزالة أحد تطبيقات نافالني من متاجرهما في روسيا.

- انتصارات وملاحقات -

وبحسب إيفانوف، فإنّ منشورات الناشطين وتعبئة السكان المحليين "أنقذت أربع حدائق كان مخططاً إزالتها لبناء مراكز تسوق".

والانتصار الآخر هو الرحيل القسري لرئيس البلدية ألكسندر خوديريف في تشرين الأول/أكتوبر 2021، الذي اتهمته صحيفة "نوفايا غازيتا" بالتورط في فضيحة تزوير انتخابي. ورئيس تحريرها ديمتري موراتوف حائز جائزة نوبل للسلام.

لكنّ هذه الأنشطة لا تخلو من المخاطر. في نهاية تشرين الأول/أكتوبر تم تفتيش منزلي إيغور ريشين ورومان إيفانوف ومصادرة أجهزة كمبيوتر وهواتف.

وغريشين ملاحق في قضية شجار عندما كان يغطي الانتخابات التشريعية وايفانوف بتهمة انتهاك سرية التحقيق في ملف حادث سير.

وتريد السلطات بذلك "ترهيب الناشطين" كما يؤكد إيفانوف. ويرى إيغور غريشين في ذلك "انتقامًا" من رئيس البلدية السابق.

حاليا يعتبران نفسيهما محظوظين. وأودع مدوّنان من ضاحية أخرى في موسكو هما ألكسندر دوروغوف وإيان كاتيليفسكي السجن منذ تمّوز/يوليو 2020 ، بتهمة ابتزاز شرطي اتّهماه بالفساد.

وقال دوروغوف لفرانس برس إنّه "تمّ الغاء قناتنا على يوتيوب لإخفاء الحقائق التي نشرناها: الرشاوى والفساد داخل شركات دفن الموتى والشرطة ولجنة التحقيق والادعاء". ويواجه عقوبة بالسجن ل 15 عاما.