سكاي نيوز عربيةدخلت الأقمار الصناعية التجارية، على خط معركة الحرب الأوكرانية، في نشرها صور للقوافل العسكرية الروسية الساعية لدخول العاصمة كييف.وبعد ساعات من تصاعد الأزمة الروسية-الأوكرانية، استعانت وسائل إعلام دولية بصور مأخوذة من أقمار صناعية تجارية لتوثيق الهجمات الروسية على المدن الأوكرانية، الأمر الذي أثار فتح الباب أمام الذي تلعبه صور مئات الأقمار الاصطناعية عالية الجودة لخدمة الأهداف العسكرية.واستحوذت شركة "ماكسار تكنولوجيز" الأميركية الخاصة، على نصيب الأسد من متابعة صور الأقمار الصناعية وإرسالها لوسائل الإعلام، حيث تابعت الحشد العسكري الروسي على مدى أسابيع، وأظهرت أرتالا من القوات البرية الروسية تتحرك صوب العاصمة الأوكرانية كييف من مسافة نحو 64 كيلومترا، في الأيام الأولى من الهجوم الروسي.وقالت الشركة الأمريكية الأربعاء، إن صورا جديدة التقطت بالأقمار الصناعية، تظهر رتلا عسكريا روسيا شمالي العاصمة الأوكرانية كييف يمتد لمسافة 64 كيلومترا، وهي مسافة أطول بكثير من 27 كيلومترا تم الإعلان عنها في وقت سابق.وقال خبراء ومراقبون إن الأزمة الأوكرانية أظهرت قدرات شركات خاصة مثل "ماكسار تكنولوجيز" و"بلاك سكاي"، إذ كانت صورها الفضائية ذات الدقة العالية منتشرة في كل مكان خلال الأيام الماضية مع اشتداد الصراع بين موسكو وكييف.وقال الرئيس التنفيذي لشركة "كوغنيتف سبيس"، وخبير البيانات الجغرافية المكانية، سكوت هيرمان، إن الصراع في أوكرانيا خلق فرصة لشركات الأقمار الاصطناعية التجارية، لإظهار قدراتها، إذ أظهرت كيف يمكن للاستشعار عن بعد أن يدعم سرد القصص الإعلامية ويساعد في فهم عامة الناس لأزمة مثل هذه الحرب.وبحسب مكتب الأمم المتحدة لشؤون الفضاء الخارجي، فإن عدد الأقمار الاصطناعية الناشطة العاملة في الفضاء حتى أبريل الماضي، يتجاوز 3500 من بين نحو 7400 قمر اصطناعي يدور حول الأرض.وهناك زيادة هائلة في معدلات إطلاق الأقمار الاصطناعية خلال العام الحالي مقارنة بعام 2020، إذ أُطلق نحو 900 قمر اصطناعي حتى منتصف العام بزيادة قدرها 70 في المئة عن العام السابق، وغالبية هذه الأقمار ترسلها شركات خاصة لأغراض متعددة.تقنيات مُعقدةمن جانبه، يرى رئيس الجمعية الفلكية الأردنية والخبير في الأقمار الاصطناعية، عمار السكجي، أن صور الأقمار الصناعية التي نشرت خلال الأيام الماضية لقوافل عسكرية قد تهدد هذه القوافل بالوقوع في كمائن، لكن القضية ليست بهذه البساطة لأنها أعقد من ذلك بكثير.وأوضح السكجي في تصريحات خاصة لـسكاي نيوز عربية، أنَّ صور وبيانات الأقمار الصناعية لا تكون في العادة فورية بل تحتاج إلى معالجة ووقت للوصول إلى المحطات الأرضية وتحليلها، بالإضافة إلى وقت أطول للوصول للميدان، خاصة أننا نتحدث عن قطاعات عسكرية متحركة وليست ثابتة، كما أن هذه الحشود العسكرية تتحرك ضمن منظومة حماية معقدة للغاية سواء استخباراتيا أو جويا أو أرضيا، لأننا نتحدث عن دولة مثل روسيا لها ترسانة عسكرية ضخمة.وأشار إلى أن هناك العديد من المناشدات لمسؤولين في أوكرانيا لشركات الأقمار الصناعية التجارية والمنظمات العالمية للاستشعار عن بعد، يطالبون بتوفير صور وبيانات الأقمار الصناعية في الوقت الفعلي لكي تكون صورًا حيًا وبدقة عالية للغاية، ولكن هذا يواجه بالكثير من التحديات.وعن هذه التحديات، قال رئيس الجمعية الفلكية الأردنية، إن صور الأقمار الصناعية البصرية لا تفيد كثيرًا بسبب الأحوال الجوية إذ أن الغيوم تغطي سماء أوكرانيا في شهر فبراير وبداية شهر مارس، ولذلك طلب الأوكرانيون وفقا لتسريبات خلال الأيام الماضية بيانات الأقمار الصناعية بتقنية الرادار.وأضاف: "الصور البصرية المرسلة من ماسكار وبلاك سكاي ليست مفيدة بنفس القدر حينما لا تكون متاحة بصورة فورية، فالأقمار تعتمد على الضوء المرئي والأشعة تحت الحمراء ونستخدمها في حالات السحب، إنما في حالة الأقمار بتقنية الردادر فإنها تتمكن من اختراق الغطاء السحابي والتقاط الصور ليلا، وترسل إشارات للأرض وتستقبل انعكاس هذه الإشارات وهذا يسمح برؤية ما هو بالأسفل بغض النظر عن الأحوال الجوية".وأشار السكجي إلى أن الهجوم السيبراني المنظم للتشويش على منظومات الاستقبال والإرسال، يعيق وصول البيانات للميدان بصورة سريعة ودقيقة، متابعًا أن السيطرة الجوية الروسية بشكل عام عامل مهم للقوات الروسية في إحكام السيطرة على الميدان.إمداد أميركي وأوروبيبدوره، قال الخبير الاستراتيجي العميد سمير راغب، في تصريحات خاصة لـسكاي نيوز عربية، إنه من الممكن أن تقوم أي مؤسسة بشراء صور من الأقمار الصناعية التجارية، لكن الحالة الأوكرانية مختلفة حالياً، ففي الأساس فالقوات الروسية اخترقت المدن بالفعل، وبالتالي يمكن لعناصر الاستطلاع تحديد أماكنهم دون الحاجة إلى صور الأقمار الصناعية.وأوضح أنه ليس مستبعدا أن تمد جميع الأقمار الصناعية العسكرية للولايات المتحدة ودول الناتو صورًا ومعلومات للجانب الأوكراني بصرف النظر عن الأقمار التجارية وما تنشره عبر وسائل الإعلام، إذ أن ما ينشر عبر الإعلام أقل دقة مما توفره الأقمار الصناعية العسكرية.وأشار راغب أن صور الأقمار الصناعية تفيد حال كون الاقتتال في المناطق الصحراوية دون وجود عناصر استطلاع هناك، لكن الوضع يختلف في القتال داخل المدن بالشكل الذي نراه في أوكرانيا حالياً، إذ أن المقاومة لا ينقصها صور الأقمار الصناعية، فهي ليست في حاجة ماسة إلى المعلومة بل القدرة على التعامل مع الجيش الروسي.وتابع: "بالتأكيد فالمعلومات الاستخباراتية تفوق ما تنتجه الأقمار الصناعية التجارية".