أكد الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي، أنه غير قلق، إزاء ما يتردد حول الخطط الروسية الرامية لاقتحام العاصمة كييف، ومن ثم إلقاء القبض عليه وإعدامه.

وقال زيلينسكي في مقابلة حصرية أجراها مع صحيفة ”دي تسايت“ الألمانية، نُشرت الأربعاء: ”أنا مع شعبي. هذه هي أفضل حماية بالنسبة لي“.

وأضاف: ”عندما أعدت روسيا للغزو، لم يتوقع (فلاديمير) بوتين أن يدافع الأوكرانيون عن بلادهم بهذه القوة.. لم يتوقع الكرملين أن تكون هذه المعركة حربا وطنية بالنسبة لنا.. مستشارو بوتين ببساطة لا يعرفون أوكرانيا، لكننا هكذا، عندما تكون أوكرانيا معك، تشعر بالأمان. هذا مبدأ يجب أن يتعلم منه الكثير في الغرب“.

وتمكنت الصحفية الألمانية، كاثرين جيلبرت، من إجراء حوار مع زيلينسكي لصالح ”دي تسايت“ في وقت غاية في الحساسية، حيث تقترب القوات العسكرية الروسية من اقتحام العاصمة كييف التي تعيش أجواء مرعبة جراء القصف والحصار.

وكشفت الصحيفة معلومات قليلة للغاية عن كواليس المقابلة، حيث أشارت إلى أنه ”بعد حوالي أسبوع ونصف من تقديم الطلب لإجراء المقابلة، وجد الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي الفرصة أخيرا لإتمامها“.

وأضافت أنه ”لأسباب أمنية، تم إجراء المقابلة كتابة من خلال موظفيه في كييف. ثم تمت الموافقة على الترجمة الألمانية للنص من قبل السفير الأوكراني في برلين“.

وردا على سؤال للصحيفة الألمانية عن سر اعتبار بوتين، زيلينسكي عدوه الأول، قال الرئيس الأوكراني: ”يأمل الروس أن يتمكنوا من شراء الجميع أو تخويفهم. لكن لأنهم يعلمون أن هذا لن ينجح معي، فهم يهددونني. من السهل رؤية ذلك“.

أشرب الكثير من القهوة

وعن الظروف التي يعيش فيها زيلينسكي حاليا، أشار الأخير قائلا: ”أعتقد أنه يمكنك تخمين ذلك: أنام قليلا، وأشرب الكثير من القهوة وأجري الكثير من المحادثات والمفاوضات. أنا فقط أفعل قدرا لا يصدق من الأشياء الضرورية للدفاع عن شعبي ومن أجل خلاصهم“.

ونوهت الصحفية الألمانية التي أجرت المقابلة، إلى أنها تمت عبر محادثة كتابية، مشيرة إلى أنه لا يمكن الوصول إلى المكتب الصحفي للرئيس الأوكراني إلا عبر تطبيق ”واتس آب“، وأن القائمين على المكتب بدورهم طالبوا المحاورة بعدم الاتصال. ما بدا أنه قلق كبير يعتري المسؤولين الأوكران خشية أن يتمكن الروس من تحديد موقع زيلينسكي.

لكن الرئيس ”يتحدى بثبات“، قائلا: ”مكاني في أوكرانيا، وأنا في كييف، وهذا ليس سراً. 40 مليون مواطن في بلادنا يعرفون ذلك“.

وأشار إلى أن الولايات المتحدة الأمريكية ”أخطأت التقدير“ بعرضها إخراجه من البلاد، قائلا: ”لقد أخطأ الأمريكيون في الحكم علي. سأبقى مع شعبي“. لافتا إلى أن عائلته ”لا تزال داخل أوكرانيا حتى الآن“.

وعن المدة المتوقع أن تصمد فيها كييف في مواجهة الحصار الروسي المفروض عليها حاليا، قال زيلينسكي، إن الروس خططوا لإسقاط كييف في الأيام الأولى من الحرب ”لكن أين هم الآن؟ أوكرانيا تدافع عن دولتها. نحن نناضل من أجل وجود دولة مثل أوكرانيا على الخريطة السياسية للعالم، دولة مستقلة للشعب الأوكراني المتعدد القوميات“.

وتعليقا على الإجراءات الأوروبية والأمريكية لتسليح أوكرانيا، قال زيلينسكي: ”أود أن أتوسع في الكلام هنا قليلاً. فقبل أشهر، عندما لم تكن هناك حرب، أيقن الجميع أن الغزو قادم لا محالة. كانت القوات الروسية على حدودنا. وقلت: أرجوكم عاقبوا روسيا حتى لا يفكر بوتين في الهجوم. ولم يتم ذلك. قلت: ادعموا أوكرانيا بما يضمن أمننا. ولم يتم ذلك“.

وأضاف: ”الآن لدينا غزو. القوات الروسية تدمر مدننا وتطلق النار على اللاجئين في الشوارع. هل يفهم أحد ذلك؟.. أصابت الصواريخ أبنية سكنية وجامعات وكنائس. هذه بربرية.. ونعم، نحصل الآن على بنادق. لكن من الواضح أننا بحاجة إلى المزيد“.

تشديد العقوبات

ويرى زيلينسكي أن العقوبات الغربية ضد روسيا غير كافية، قائلا: ”لو كانت كافية لكان الهجوم قد توقف الآن، إذ يستمر شراء النفط والغاز الروسي. ولا تزال الشركات الغربية في السوق الروسية تحت ستار أعذار مختلفة. نعم هناك عقوبات ونحن ممتنون لذلك، لكننا نواجه هجمة تذكر بأسوأ ما في الحرب العالمية الثانية. لذلك يجب تشديد العقوبات على روسيا“.

وتابع ”إذا تحدثنا عن العقوبات، فيجب عليهم في المقام الأول وقف تصدير النفط والمنتجات البترولية والغاز. يجب إغلاق الموانئ العالمية أمام السفن الروسية. يجب على شركات الشحن التوقف عن إرسال واستقبال البضائع من وإلى روسيا. يجب استبعاد جميع البنوك من نظام Swift للدفع، دون استثناءات كما في السابق“.

وأضاف: ”هذه أشياء حيوية يمكن القيام بها. إذا لم يحدث ذلك الآن، فإنك لا تزال بحاجة إلى بذل المزيد من الجهد لحماية دول البلطيق وبولندا ومولدوفا وجورجيا وجميع جيران الروس الآخرين من الغزو. من المهم أيضًا أن تقرر الدول الغربية أخيرا كيفية إنشاء منطقة حظر طيران إنساني فوق أوكرانيا، كما يمكن أن نحصل أيضًا على طائرات مقاتلة وأنظمة دفاع جوي يمكننا من خلالها تأمين أجوائنا بأنفسنا“.

وبشأن المفاوضات بين المندوبين الأوكرانيين وروسيا، أشار زيلينسكي إلى أنه ”لطالما عرضت أوكرانيا على روسيا إجراء مفاوضات، وفي النهاية فإن السلام هو أكثر ما يهمنا، لكن لكي يتم أخذ المفاوضات بجدية، نحتاج إلى رؤية النتيجة. وأنا لا أراها بعد“.

خدعة

ويرى زيلينسكي أن تهديد الحرب النووية من قبل بوتين مجرد ”خدعة“، قائلا: ”أن تكون قاتلا فهذا أمر، أما الانتحار فمسألة أخرى. فأي استخدام للأسلحة النووية يعني النهاية لجميع الأطراف وليس فقط الشخص الذي يستخدمها“.

وأضاف: ”من ناحية أخرى يظهر تهديد بوتين نقطة ضعف لديه. فالمرء يهدد بالأسلحة النووية فقط عندما تفشل كل الأمور الأخرى. أنا متأكد من أن روسيا تدرك العواقب الوخيمة لمحاولة استخدام الأسلحة النووية“.

وعما يثار بأن كييف تعرض 40 ألف دولار على أي جندي روسي يلقي السلاح، قال زيلينسكي: ”لا يمكنني الكشف عن التكتيكات العسكرية. لكن يمكنني أن أقول مرارًا: لدينا بالفعل مئات من الجنود الروس الأسرى“.

وعن طلبه الرسمي بضم أوكرانيا للاتحاد الأوروبي، علق زيلينسكي بأن أوكرانيا ”مندمجة بالفعل في الاتحاد الأوروبي، ومع عضوية أوكرانيا. سيكسب الاتحاد الأوروبي أمة تكافح بشدة من أجل الحرية والديمقراطية والمساواة وبالتالي من أجل أوروبا“.

وبينما يؤكد زيلينسكي أن الروس ”لن يكونوا قادرين على إسقاط بلده، وأن أوكرانيا والعالم قادرون على صد الغزو“، فإنه يرى كذلك أن بوتين ”يريد تمزيق أوروبا، تماما مثل أوكرانيا“.

وأضاف: ”استمع إلى ما يقوله المروجون الروس. حتى أنهم يبشرون في الكنائس بغزو دول أخرى، مولدوفا، جورجيا، دول البلطيق. أنا متأكد من أن بولندا مهددة هي الأخرى. في الواقع، طالما أن روسيا لديها القدرة على مهاجمة دولة أخرى، فإن القارة بأكملها في خطر“.