بقلم: د. عبداللطيف الحمادة




* الاكتئاب حالة مرضية تتوجب العلاج النفسي وليست مؤشراً على ضعف الشخصية


* الاكتئاب ثالث أكثر الأمراض انتشاراً عالمياً بعد أمراض التنفس والأمراض المعوية

* 5 – 10 % من مرضى الاكتئاب يعانون من هبوط في وظائف الغدة الدرقية

* إهمال علاج الاكتئاب يتسبب بأضرار خطيرة على الفرد والمجتمع ومنها الانتحار

* الاكتئاب المتوسط أو الشديد والمزمن والمقاوم للأدوية النفسية الأصعب علاجاً

* مراجعة الطبيب النفسي للتشخيص ووصف الأدوية أو الجلسات النفسية المناسبة

* من الممكن علاج درجات الاكتئاب البسيطة بجلسات علاجية دون أدوية

* 45 عقاراً لعلاج الاكتئاب تعطي تحسناً أكثر من 80 % خلال فترة وجيزة


يخلط الكثيرون بين الحزن كحالة مزاجية مؤقتة وبين الاكتئاب الذي يشكل اضطراباً نفسياً واسع الانتشار. فالاكتئاب بمعناه العلمي الدقيق هو الشعور "الدائم" بالحزن وفقدان الرغبة والاستمتاع بالحياة أو القيام بأي نشاط حياتي لمدة تزيد عن أسبوعين، ويصاحبه شعور بالذنب وفقدان احترام الذات واليأس من الحياة. وقد تختلف درجات الاكتئاب وتتراوح بين البسيط والشديد وفي كل الأحوال فإن العلاج النفسي ضرورة للحد من أعراض الاكتئاب ومنع زيادة حدته فكثير من حالات الانتحار هي نتيجة لاضطراب الاكتئاب الذي تم إهماله ولم يتم التدخل المبكر لعلاجه.

ينتشر الاكتئاب بشكل كبير في كافة أنحاء العالم كثالث أكثر الأمراض انتشاراً فهو يأتي بعد الأمراض التنفسية والأمراض المعوية، وقد يكثر انتشاره بشكل أكبر بين النساء وذلك بسبب التغيرات الهرمونية التي تمر بها المرأة وقت الولادة والدورة الشهرية وغيرها، إضافة إلى اختلاف استجابتها لمختلف ضغوط الحياة. لذلك يجب علينا في المقام الأول أن نقر بأن الاكتئاب حالة مرضية نفسية تتوجب العلاج النفسي وليست مؤشراً على قلة الإيمان أو الرفاهية أو ضعف الشخصية، وأن إهمال علاج الاكتئاب قد يتسبب بأضرار خطيرة على الفرد والمجتمع ومنها الانتحار كما أسلفنا والإدمان على الكحول والمخدرات وهدم العلاقات الاجتماعية وفشل الكثير من الزيجات بالإضافة إلى مشاكل كبيرة في العمل وذلك لعدم قدرة الشخص على التفاعل وأداء المهام الموكلة إليه بالشكل المطلوب.

لماذا يحدث الاكتئاب؟

لا توجد أسباب محددة للاكتئاب ولكن تلعب العوامل الجينية أو البيئية دوراً هاماً في ظهوره وتلعب ضغوطات وظروف الحياة دوراً آخر في تحفيزه. واتفق غالبية الباحثين والأطباء النفسيين على أن الاكتئاب يحدث بسبب تغيرات بيولوجية في الدماغ، حيث تلعب النواقل العصبية كالسيروتونين والنورابينفرين والدوبامين دوراً مهماً في ذلك، ويعتقد بأن نشاط الأخير ينخفض في الاكتئاب كما أدى اكتشاف مستقبلات ثانوية للدوبامين في الدماغ إلى تفسير أكثر لعلاقة الدوبامين وعلاقة نواقل أخرى مثل الاسيتايلكولين والكابا باضطراب الاكتئاب.

كما قد يسبب تغير النظام الهورموني في الجسم الاكتئاب خصوصاً اضطراب الغدة الدرقية، حيث وجد أن 5 – 10 % من الذين تم تشخيصهم كحالات اكتئاب لديهم هبوط في وظائف الغدة الدرقية، أضف إلى ذلك بأن الوراثة تعتبر عاملاً هاماً كما أسلفنا في إصابة أحدهم بالاكتئاب، فإذا كان أحد الأبوين مصاباً بأحد اضطرابات المزاج فإن خطر احتمال إصابة الطفل بواحد من تلك الاضطرابات ستكون 10- 25 % ، أما إذا كان كلا الأبوين مصاباً بها فسيكون الخطر 20- 50 %.

هل يوجد علاج للاكتئاب؟

كخطوة أولية يجب مراجعة الطبيب النفسي ليقوم بتشخيص دقيق للاضطراب ووصف الأدوية أو الجلسات النفسية المناسبة لها. من الممكن علاج درجات الاكتئاب البسيطة بجلسات علاجية دون أدوية أو بوصف أدوية تؤخذ لفترة معينة أو لفترات طويلة وبالمحصلة يشعر المريض بتحسن كبير بعد استخدامها. إلا أن الاكتئاب المتوسط أو الشديد الدرجة والاكتئاب المزمن والمقاوم للأدوية النفسية يعتبر من أصعب درجات الاكتئاب علاجاً.

إن علاج الاكتئاب الأساسي هو العقاقير فهنالك ما يزيد على 45 عقاراً لعلاج الاكتئاب تعطي أكثر من 80 % من التحسن خلال فترة وجيزة من استخدامها، حسب حالة المريض إضافة إلى أهمية الجلسات النفسية العلاجية المكملة للعلاج بالعقاقير.

وهنا تجدر الإشارة إلى وجود دواء جديد يعتبر نقلة نوعية في علاج الاكتئاب المزمن والمقاوم وهو دواء "سبرافاتو" الذي يحتوي على مادة الاسكيتامين والتي أثبتت فاعلية كبيرة في علاج هذه النوعية من الاضطرابات، وهذا العلاج متوفر في مملكة البحرين حيث يؤخذ عن طريق الرذاذ عبر الأنف مما يجعل فعالية الدواء أكبر حيث ينتقل بشكل مباشر للدماغ. إن وجود مثل هذه النوعية من الأدوية سيسهم بشكل كبير في تحسين حالة الكثيرين ممن أعيتهم الحيلة للتخلص من اضطراب الاكتئاب بالوسائل والأدوية التقليدية.

* استشاري الطب النفسي بمستشفى "سلوان للطب النفسي"