مروة غلام

كانت مركزاً للقاء العديد من أهالي المحرق، وسط سوقها القديم، منذ تأسيسها عام 1938، على يد خليفة عبد الله بوخلف أحد أبناء حالة بوماهر، وبقيت لعقود طويلة ملتقاً اجتماعياً، تضم الجميع بين جنباتها.

"الوطن"، زارت "قهوة" ومقهى بوخلف الشعبي الذي كان دفتراً لذكريات البحارة والغواصين، بالإضافة إلى بائعي معدات الصيد، حيث استطاع المقهى أن يكون ملتقاً للجميع تُروى فيه الحكايات، وتُشكى فيه الهموم، وتُحل فيه الخلافات، ويحتضن حكايات الأولين ومغامراتهم الشيقة في عرض البحر.

ومع دخول الألفية الثالثة من العالم، بدأت تتلاشى معالم هذا المقهى، وتصبح غريبة على أهلها ومؤسسيها، وتتحول الى متنفس للآسيويين، بدلاً عن أهالي المنطقة، الذين لم يعد لهم مكان سوى 4 أو 5 مقاعد، بشكل يومي.

الجدران، بحسب ما يروي من تبقى من رواد المقهى، تغيرت معالمها هي الأخرى، وأصبحت خاوية بعد أن كانت مليئة بصور الرواد، وذكريات غطاها الزمن، فما بين تغير الزبائن والمكان لعدة مرات، تغيرت معالم المقهى.

محمد الساعي، أحد رواد المقهى، والذي كان جالساً مع أحد أصدقاءه، قال إنه لم يبارح هذا المكان منذ 40 عاماً، رغم وجود عدة مقاهٍ أخرى مثل مقهى عثمان، الذي أنشئ في خمسينيات القرن الماضي على ساحل المحرق، فضلاً عن مقهى مقامي في المنطقة ذاتها، ولكنها اندثرت مع ذكرياتها.

وأضاف: "مقهى بوخلف كان بالقرب من مقصب الحوم في السوق في فترة الثمانينيات، ولكن مع بناء مركز الشرطة هناك، تغير موقعه ليصبح مكان مواقف الباصات القديم بالقرب من مستشفى الهلال اليوم".

وأضاف متحسراً: "الزبون البحريني اختفى، وراح في رحمة الله، فالعمالة تزاحمنا سواء في المقهى، أو حتى في أماكن سكننا في المحرق، بعد خروج العوائل البحرينية من مناطقها".

وتابع: "المشكلة الأخرى في العمالة السائبة، الذين أصبحوا زبائناً دائمين في هذا المقهى، منذ حوالي عشر سنوات، كما أن إهمال صاحبه جعل العديد ينفر من الجلوس به، ولكن موقعه لازال مهماً خصوصاً لمرتادي سوق المحرق من الجنسيات الخليجية، والذين لا يفضلون قضاء الوقت في السوق، حيث كان بإمكانهم قضاء وقتهم في هذه القهوة الشعبية، إلا أن ما وصلت إليه من حال، منعهم من ذلك".

وأوضح أن هناك من يصل إلى المقهى من جنسيات خليجية، وأضاف: "يقصدونها مباشرة، وعندما يرون حالها، ينفرون بحثاً عن مقاهٍ أخرى".

أما إبراهيم مال الله، أحد سكان فريج "ستيشن"، فأبدى استياءه من تغيير قائمة الطعام، والتي كانت تضم أكلات شعبية بسيطة، مثل الباجلة والنخي والروب البلدي، إلا أن تلك المأكولات اختفت، واختفت معها لذة تناولها بصحبة الأصدقاء والأخلاء.

وقال: "اعتدت على المجيء إلى هنا منذ عشرين عاماً، وكل ما في هذا المكان كان مميزاً، إلا أن ما يحصل حالياً مزعج جداً، وحتى الأسعار تغيرت، رغم أن الأمر ليس في الأسعار، ولكن المكان لم يعد لنا، وهو أصبح مرتعاً للعمالة السائبة، أما نحن فكما ترون بضعة أشخاصٍ فقط من رواد المقهى هنا".