ذكر نائب الرئيس للتنمية المستدامة في البنك الدولي يورجن فوجيل أن أسعار الأسمدة ارتفعت ارتفاعاً حاداً وما زالت تعاني من التقلب في مستوياتها، وهو ما يشكل خطراً داهماً على الأمن الغذائي، مشيراً إلى أن الحرب الدائرة في أوكرانيا أثرت في البلدان المستوردة للقمح والذرة بدرجة أكبر، غير أن الكثير من البلدان، ومن بينها بعض كبار مُصدِّري المواد الغذائية، تندرج ضمن المستوردين الصافين للأسمدة.

وقال: "قد تمتد أسعار الأسمدة الآخذة في الارتفاع إلى مجموعة أوسع نطاقاً من المحاصيل، من بينها الأرز الذي يُعد أحد المحاصيل الأساسية والذي لم يشهد حتى الآن ارتفاعات الأسعار الحادة المرتبطة بالحرب. ومن ثم، يجب علينا أن نتحرك الآن لتسهيل الحصول على الأسمدة وبتكلفة ميسورة للحيلولة دون استمرار أزمة الغذاء لأمد طويل".

وارتفع مؤشر البنك الدولي لأسعار الأسمدة بنحو 15% عما كان عليه في وقت سابق من العام الجاري - فقد تضاعفت الأسعار لأكثر من ثلاث مرات مقارنة بالأوضاع قبل عامين. ويؤدي كل من ارتفاع تكاليف مستلزمات الإنتاج والاضطرابات التي أصابت سلاسل الإمداد والقيود المفروضة على التجارة إلى دفع الارتفاع الحاد في الأسعار في الآونة الأخيرة.

وقد بدأت أسعار الغاز الطبيعي في الارتفاع الخريف الماضي تزامناً مع تصاعد حدة التوترات بين روسيا وأوكرانيا مما أدى إلى تخفيضات كبيرة في إنتاج الأمونيا، التي تمثل عنصراً مهماً في إنتاج الأسمدة المعتمدة على النيتروجين. وعلى المنوال نفسه، أجبر ارتفاع أسعار الفحم في الصين، الذي يمثل المادة الأولية الرئيسية لإنتاج الأمونيا هناك، مصانع الأسمدة على تخفيض إنتاجها.

وقال فوجيل: "للتخفيف من حدة أزمة الغذاء الحالية، يلزم اتخاذ إجراءات في الوقت الحالي للحفاظ على إنتاج الغذاء من خلال تيسير الحصول على الأسمدة وإتاحتها بأسعار معقولة، وهناك عدة طرق للقيام بذلك، منها رفع القيود المفروضة على التجارة أو قيود الحظر على صادرات الأسمدة؛ ففرض قيودٍ على الصادرات يزيد الأمر سوءاً، إذ يُصعب حصول البلدان النامية الأفقر على الأسمدة، وهي التي تواجه أعلى مستويات انعدام الأمن الغذائي والجوع.

ويجب استخدام الأسمدة بمزيد من الكفاءة، وهو ما يمكن تنفيذه من خلال تزويد المزارعين بحوافز مناسبة لتشجيعهم على عدم الاستخدام المفرط للأسمدة. وتتراوح الكفاءة في استخدام النيتروجين، على سبيل المثال، بين 30% و50% بوجه عام. وفي الوقت نفسه، توصي هيئة خبراء النيتروجين بالاتحاد الأوروبي بمعدل كفاءة استخدام النيتروجين يصل إلى نحو 90%. وتشجع إعانات الدعم -التي تشجع الاستخدام المفرط للأسمدة - الهدر أيضاً، والأسوأ من ذلك أن لهذا الأمر تداعيات بيئية مدمرة وعواقب خطيرة على صعيد تغير المناخ".

واضاف "يمكن لزيادة الكفاءة في استخدام الأسمدة أن تساعد في ضمان وصول الإمدادات المتاحة إلى بلدان أكثر، لا سيما الأكثر احتياجاً منها. وتستهلك البلدان الغنية 100 كجم من الأسمدة لكل هكتار، أي نحو ضعف ما تستهلكه البلدان النامية للمساحة نفسها، ويُعد استهلاك بلدان أفريقيا جنوب الصحراء أقل معدل، حيث يبلغ استهلاكها نحو 15 كجم لكل هكتار .

واستطرد "هناك فرص لإعادة صياغة السياسات العامة وتوجيه النفقات العامة القليلة توجيهاً أفضل نحو وضع حوافز لاستخدام الأسمدة بدرجة أكبر من الإنتاجية والاستدامة. ومن أمثلة هذا النوع من التحول الممكن الإصلاحات التي نفذها قطاع الممارسات الزراعية المعتادة لعام 1992 التابع للاتحاد الأوروبي. فقبل تنفيذ هذه الإصلاحات، ساهم الدعم المقدم إلى القطاع الزراعي بالاتحاد الأوربي - مثل الحد الأدنى من الأسعار، وتعريفات الاستيراد، والمشتريات الحكومية - في إبقاء مستويات أسعار المزارع بالاتحاد الأوروبي فوق المعدلات العالمية، وهو ما شجّع الاستخدام المفرط للأسمدة. أما بعد تنفيذ الإصلاحات، فقد تحول الدعم المقدم إلى قطاع الممارسات الزراعية المعتادة بالاتحاد الأوروبي إلى مدفوعات مباشرة، وأصبحت أسعار المزارع أقرب إلى الأسعار العالمية. وأدت هذه التغييرات إلى زيادة الحوافز التي تشجع استخدام الأسمدة بكفاءة أكبر".