كوثر حسين
للمواد الغذائية دور أساسي ورئيسي في الاقتصاد لكل الدول، وهي من المواد الأساسية لكل الناس على وجه الأرض، فلا يمكن العيش بدون المواد الغذائية التي تعتبر عصب الحياة لدى شعوب العالم، وفي الآونة الأخيرة ارتفعت الأسعار بشكل جنوني، مما أدى للكثير من الأزمات للحكومات وللشعوب التي تعتمد اعتماداً أساسياً عليها وقد تراكمت الأسباب العالمية التي دفعت أسعار الغذاء إلى هذا الارتفاع الجنوبي خلال الفترة الحالية وأن الأزمة لا ترتبط حصراً بالحرب الروسية على أوكرانيا، ولا بالأزمات المحلية في الدول فقط ولا بسياسات اقتصادية أهملت الزراعة في العديد من دول العالم لتستبدل الاكتفاء الذاتي بالاستيراد.
إذ إن صعود الأسعار له عدة مصادر، إضافة إلى الأسباب أعلاه، يأتي ارتفاع أسعار النفط والغاز، وكذلك تداعيات كورونا وانعكاسات انفتاح الاقتصادات على التضخم، وصولاً إلى حظر الصادرات الغذائية من العديد من الدول.
أدت الحرب إلى ارتفاع حاد في أسعار القمح، حيث كانت روسيا وأوكرانيا من بين أكبر مصدري ويشكل كلا البلدين 29% من صادرات القمح العالمية، وفقاً للبنك الدولي، كما أن روسيا وأوكرانيا من بين أكبر خمسة مصدرين عالميين للعديد من الحبوب والبذور الزيتية المهمة، مثل الشعير وعباد الشمس وزيت عباد الشمس، وأيضاً الذرة، وفقاً للمعهد الدولي لبحوث السياسات الغذائية.
ووسط حصار روسيا لموانئ البحر الأسود، تواجه الإمدادات الضرورية من الحبوب وزيوت الطهي والأسمدة عوائق هائلة للوصول إلى بقية دول العالم.
وقبل الحرب كان ينظر إلى أوكرانيا على أنها سلة خبز العالم. في ذلك الوقت كانت تصدر 4.5 ملايين طن من المنتجات الزراعية شهرياً عبر موانئها، 12% من القمح على كوكب الأرض، و15% من الذرة ونصف زيت عباد الشمس.
لكن الآن قطعت السفن الحربية الروسية موانئ أوديسا وتشور نومورسك وموانئ أخرى عن العالم لذلك لا يمكن العمليات الإمداد المرور إلا على طرق برية مزدحمة وأقل كفاءة بكثير.
ووفقاً لمنظمة الأغذية والزراعة التابعة للأمم المتحدة (الفاو)، تعتمد خمسين دولة على روسيا وأوكرانيا في ما لا يقل عن ثلاثين بالمائة من وارداتها من القمح في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا تشمل هذه البلدان لبنان ومصر وليبيا وعمان والمملكة العربية السعودية واليمن وتونس وإيران، والأردن والمغرب.
وكانت أسعار النفط تحوم حول 50 دولاراً في بداية 2021، ثم بدأت بالارتفاع التدريجي نتيجة التوتر بين روسيا وأوكرانياً، وفي فبراير 2022 دخلت القوات العسكرية الروسية الأراضي الأوكرانية مما أدى إلى ارتفاع أسعار النفط إلى 130 دولاراً للبرميل بسبب مخاوف من فرض حظر أمريكي وأوروبي على النفط الروسي والتأخير في المحادثات النووية الإيرانية، وبنهاية العام 2022 بدأت الأسعار في الانحسار لتصل إلى وبلغت 70 دولاراً بنهاية يوم أمس (3 مايو 2023).
وتعد روسيا ثاني أكبر مصدر للنفط الخام في أسواق العالم، حيث تتجاوز صادراتها 10 ملايين برميل يومياً، وهي أيضاً أكبر مصدر للغاز الطبيعي في العالم. ومع بدء الحرب، أعلنت الدول الغربية عن إجراءات ضد موسكو، وضمنها العقوبات من قبل الولايات المتحدة الأمريكية وحلفائها.
ومن بين أسباب ارتفاع المواد الغذائية كذلك، حظر الصادرات، حيث إنه بعد اتساع الأزمة الغذائية، فرضت العديد من الدول حظراً على تصدير المواد الغذائية في محاولة للحد من تأثير ارتفاع أسعار المواد الغذائية على السكان المحليين، مع تقليل الإمدادات في الأسواق العالمية.
يعتبر التضخم في العديد من دول العالم هو الأعلى منذ سنوات طويلة. يتفق معظم الاقتصاديين على أن هذا نتيجة لانفتاح الاقتصاد العالمي مرة أخرى بعد الوباء، وعلامة على أن الطلب يفوق العرض وقد لعبت عوامل أخرى دوراً أيضاً - مثل نقص العمالة، وقضايا التوريد والأعباء الإدارية.
كذلك تواجه الدول ومنها الصناعية الكبرى عودة بطيئة للعديد من العمال إلى المصانع والمعامل بعد كورونا، إذ لا تزال جمعية النقل بالشاحنات الأمريكية تقدر أن الصناعة تحتاج إلى أكثر من 80 ألف سائق.
للجفاف والتغير المناخي تأثيره الكبير أيضاً على أسعار الغذاء، حيث إن الإمدادات العالمية من المرجح أن تكون شحيحة هذا العام، مع معاناة مصدرتي الحبوب فرنسا وألمانيا من الجفاف الذي يؤثر على حزام الحبوب في الولايات المتحدة.