حظر الصادرات الغذائية يفاقم الأسعار في الدول المستوردة

عباس المغني

ضربت موجة التضخم العالمي لأسعار المواد الغذائية سواحل البحرين جارفة أسواقها نحو بحر تحديات متلاطم بسياسات الدول المنتجة ومشاكل لوجستية عالمية وتأثيرات الصراع بين الغرب وروسيا بشأن الأزمة الأوكرانية.



وأصدرت العديد من دول العالم المنتجة للمواد الغذائية قرارات بحظر صادرات مواد غذائية للحفاظ على توازن أسواقها المحلية، مما أدى إلى نقص المعروض في الدول المستوردة وارتفاع الأسعار في أسواقها إلى مستويات غير مسبوقة.

وارتفعت أسعار الكثير من السلع في البحرين التي تعتمد على الاستيراد في تلبية احتياجاتها، إذ ارتفعت أسعار زيوت الطبخ والسكر والحليب، والدواجن واللحوم وغيرها.

وقال الخبير الاقتصادي جعفر الصائغ: "الدول المنتجة تلجأ لسياسة حظر تصدير المواد الغذائية عندما يكون مخزونها في تناقص، والإنتاج غير كافٍ لتغطية أسواقها المحلية، فإذا فتحت باب الصادرات سيؤدي إلى نقص المعروض من ثم تحدث مشاكل واضطراب اجتماعية".

وأضاف: "أما الدول المستوردة تتأثر سلباً من قرارات الدول المنتجة بحظر الصادرات، حيث يقل المعروض لديها وترتفع الأسعار لمستويات جديدة، وتزداد فاتورة المواد الغذائية".

وتابع: "الدول المستوردة ستدفع الكلفة بارتفاع الأسعار، مما يؤدي إلى تضخم خاصة في المواد الغذائية وهي مواد استراتيجية، وعلى الدول المستوردة وضع استراتيجية واضحة تتمثل في بناء مخزونات كافية لمدة ستة شهور أو سنة كاملة".

ودعا البحرين إلى بناء مخازن استراتيجية للمواد الغذائية من قمح وزيت ورز وغيرها كافية لمدة سنة، بما يساعد المملكة على مواجهة أية تحديات عالمية غير متوقعة وقرارات مؤقتة تتعلق بحظر صادرات المواد الغذائية.

إلى ذلك، دفع ارتفاع أسعار المواد الغذائية في الدول المنتجة، إلى حظر تصدير السلع الزراعية الأساسية، لأسباب متعددة فاقمتها تأثيرات الأزمة الأوكرانية بفرض الغرب عقوبات على روسيا، وانجراف الألغام في البحر الأسود مما يعيق حركة السفن في موانئ حيوية لتصدير المواد الغذائية من أكبر الدول المنتجة.

ومؤخراً قررت الحكومة الماليزية وقف صادرات الدواجن، حيث قالت الحكمة الماليزية إنها ستوقف تصدير 3.6 مليون دجاجة شهرياً بداية من الأول من شهر يونيو المقبل، مع تراجع الإنتاج.

وذكر رئيس الوزراء الماليزي إسماعيل صبري في بيان، أن حكومته ستحدد سقفاً للأسعار قدره 8.9 رينجت (حوالي دولارين) لكل دجاجة، مع الاعتراف بالمزيد من المسالخ في الخارج، في مسعى لتعزيز الإمدادات المحلية ووقف ارتفاع الأسعار.

وجاء قرار ماليزيا بعد تدابير مماثلة اتخذتها بعض الدول الأخرى في الأسابيع الماضية، مع مساعي تأمين إمدادات الغذاء الخاصة بها بعد وصول الأسعار لمستويات قياسية نتيجة اضطرابات المعروض جراء الحرب في أوكرانيا.

وحظرت الهند صادرات القمح مع ارتفاع أسعار الحبوب، وكان سبب حظر تصدير القمح الهندي جزئياً هو المخاوف السياسية المحلية والمخاوف من الاضطرابات التي أعقبت الاحتجاجات التي قام بها المزارعون على مستوى البلاد في عامي 2020 و2021، وهذا الحظر هو أحد القيود التي فرضتها البلدان على المكونات الرئيسة للأغذية، مما أضاف إلى البيئة التضخمية الشاملة.

كما طبقت إندونيسيا حظراً قيّد صادرات زيت النخيل وهو مكون رئيس يستخدم في العديد من المنتجات الغذائية وغير الغذائية، وأشارت الدولة إلى الحاجة إلى ضمان توافر الغذاء محلياً بعد ارتفاع تضخم أسعار الغذاء العالمي إلى مستويات قياسية في أعقاب الحرب.

وحظرت الحكومة الأوكرانية تصدير القمح والشوفان والسكر وغيرها من المواد الغذائية الأساسية لضمان قدرتها على توفير الطعام للمواطنين خلال الحرب مع روسيا.

كما حظرت أوكرانيا تصدير الماشية واللحوم وغيرها من المنتجات الثانوية من الماشية، بحسب بيان الحكومة. ومن المرجح أن يؤدي حظر الصادرات إلى خفض الإمدادات الغذائية العالمية حيث وصلت الأسعار إلى أعلى مستوى لها منذ عام 2011.

يذكر أن روسيا وأوكرانيا تعدان من بين أكبر خمس دول مصدرة على مستوى العالم للعديد من الحبوب والبذور النباتية المهمة وكذلك الذرة، ولم تتمكن أوكرانيا من تصدير الحبوب والأسمدة والزيوت النباتية، وأدى الصراع أيضاً إلى تدمير حقول المحاصيل والتأثير سلباً على موسم الزراعة.

وذكر مركز الأبحاث "معهد بيترسون للاقتصاد الدولي" في مذكرة حديثة إنه مع ارتفاع أسعار المواد الغذائية بالفعل بسبب اضطرابات سلسلة التوريد المتعلقة بفيروس كورونا، وانخفاض الغلة العام الماضي، فإن الأزمة الأوكرانية جاء في وقت سيئ لأسواق الغذاء العالمية.

ووفقاً لقائمة أعدها المعهد الدولي لبحوث السياسات الغذائية، وهي مؤسسة غير ربحية مقرها واشنطن، فإن 20 دولة الآن تفرض حظراً على تصدير مختلف المواد الغذائية، مما يساهم في ارتفاع أسعار الغذاء العالمية بنسبة 30% حسب قياس منظمة الأغذية والزراعة التابعة للأمم المتحدة "فاو".

ويشمل ذلك حظر تصدير زيت النخيل من إندونيسيا، والمعكرونة من الجزائر، ولحم البقر من الأرجنتين، والسكر من باكستان، والقمح والزيت النباتي من مصر، والحبوب من مختلف البلدان في أفريقيا - وكلها يمكن أن تسهم في البيئة التضخمية الشاملة التي يشعر بها المتسوقون في الدول المستوردة.