مريم بوجيري
تلحق الضرر بالعامل وتلزمه بالعمل جبرياً
رفضت لجنة الخدمات بمجلس الشورى مشروع قانون يهدف إلى تمديد مهلة الإخطار 30 يومـاً المقررة لإنهاء عقد العمل بحيث تزيد على 30 يومـاً ولا تتجاوز 120 يومـاً بالنسبة للأعمال التي يصعب فيها الحصول على عامل بديل مؤهل خلال مدة زمنية قصيرة.
وبررت اللجنة رفضها للاعتبارات الآتية:
أولاً – إن ما تضمنه مشروع القانون يتنافى مع الأساس الذي بني عليه قانون العمل وهو تحقيق التوازن بين طرفي العقد ودوام حماية الطرف الأضعف وبصفة خاصة بالنسبة للأحكام المتعلقة بإنهاء العقد
ثانياً – تضمن مشروع القانون إضافة فقرة ثانية إلى البند (أ) من المادة (99) رغم أن البند (أ) في القانون النافذ يتكون من فقرتين مما قد يحدث التباساً بين المقصود من التعديل.
ثالثاً- إن ربط مشروع القانون بين الحق في مد فترة الإخطار وقصرها على الأعمال التي يصعب فيها الحصول على عامل بديل مؤهل، وقصور نص مشروع القانون في الوقت ذاته عن بيان حكم الأعمال الأخرى التي لا يصعب الحصول فيها على عامل بديل، قد يحمل على القول انطلاقًا من عموم عبارة (يجوز لكل من طرفي العقد إنهاؤه بعد إخطار الطرف الآخر قبل الإنهاء بثلاثين يوماً على الأقل) الواردة في الفقرة الأولى من البند (أ) بأن من حق صاحب العمل وفقاً لمشروع القانون الاتفاق على زيادة مهلة الإخطار عن الحد الأقصى الوارد فيها 120 يوماً، وذلك بالنسبة للأعمال الأخرى التي لا يصعب فيها الحصول على عامل بديل مؤهل خلال مدة زمنية قصيرة.
رابعاً- إن الاتفاق على مد فترة الإخطار بحيث تزيد على ثلاثين يوماً ولا تجاوز المائة وعشرين يوما من شأنه أن يلحق ضرراً بمصلحة العامل إذا كان هو الراغب في إنهاء عقد العمل ويخل بتوازن العقد إذ قد يفوت عليه فرصة الالتحاق بعمل أفضل وبشروط أحسن لدى صاحب عمل آخر أو قد يجبره على البقاء في ظروف عمل غير مناسبة رغماً عنه بانتظار انتهاء مدة الإخطار أو اضطراره للتعويض عنها ولا يضمن العامل خلال تلك المدة رعاية حقوقه وحسن معاملة صاحب العمل له طيلة تلك المدة خاصة بعد أن علم برغبته بترك العمل، كما يضر بمصلحة صاحب العمل إذا كان هو الراغب في إنهاء عقد العمل، حيث يتوجب على صاحب العمل الانتظار طيلة مدة الإخطار المتفق عليها ويكون أمام خيارين إما أن ينهي عقد العمل فوراً ويوظف عاملاً بديلاً ويدفع تعويضاً عن مهلة الإخطار، وإما الانتظار لنهاية تلك المهلة، وفي هذه الحالة لا يضمن صاحب العمل ولاء العامل وقيامه بالعمل المكلف به على الوجه المطلوب خاصة بعد معرفته رغبة صاحب العمل التخلص منه.
خامساً- إن الاتفاق على مد فترة الإخطار بحيث تزيد على ثلاثين يوماً ولا تجاوز المائة وعشرين يوماً بالنسبة للأعمال التي يصعب فيها الحصول على عامل بديل مؤهل قد يجعل العامل عرضة للعمل الجبري خلافاً لإرادته أو العمل في ظروف عمل غير مناسبة لفترة زمنية قد تصل إلى أربعة أشهر (120 يوماً) كما يمس بحقه في الانتقال للعمل لدى صاحب عمل آخر وقد يندرج ضمن مفهوم استخدام العمل الجبري كوسيلة للإكراه وفرض الانضباط على العامل بالبقاء لدى صاحب العمل بصورة مخالفة للمادة (1) من اتفاقية منظمة العمل الدولية رقم (105) لسنة 1957م بشأن إلغاء العمل الجبري.
سادساً – إن تقييد حق العامل في إنهاء عقد العمل أو ربطه بمدة زمنية طويلة ولو بناءً على موافقته باعتباره الطرف الأضعف في العلاقة التعاقدية قد يرتقي إلى مصاف العمل الجبري المحظور تشريعياً وقد يعتبر تراجعاً في التدابير والإجراءات المتعلقة بالحق في العمل.
سابعاً- صعوبة تحديد معايير موضوعية منضبطة يمكن الاستناد إليها في تحديد الأعمال التي يصعب فيها الحصول على عامل بديل مؤهل إذ إن مصدر الصعوبة كما قد ينشأ عن طبيعة العمل فقد ينشأ عن ظروف ممارسته أو غيرها من الظروف المحيطة بعملية التعاقد، وقد يتأثر بعوامل مرتبطة بصاحب العمل وظروف سوق العمل، إذ قد يكون الإنهاء في وقت غير مناسب لظروف العمل بالنسبة لصاحب عمل بعينه دون غيره على نحوٍ يتعذر معه حصول صاحب العمل على عامل بديل مؤهل على النحو الذي نصت عليه المادة (112) من قانون العمل.