حسن الستري


الحكومة: الحالات بازدياد ولا توجد عقوبة

مازال مشروع قانون بإضافة مادة جديدة برقم (316) مكرراً إلى قانون العقوبات الصادر بالمرسوم بقانون رقم (15) لسنة 1976، والتي تقضي بتجريم «زنا المحارم» بالسجن 7 سنوات، يقبع في أدراج مجلس النواب منذ أكثر من 8 سنوات، إذ طلبت لجنة الشؤون الخارجية والدفاع والأمن الوطني بالمجلس تمديد المهلة لها حول المشروع نهاية مايو الماضي.

والمشروع في أصله، هو مُقترح بقانون مقدَّمٌ من أعضاء مجلس الشورى السابقين، جميلة سلمان، والدكتور الشيخ خالد آل خليفة، والدكتورة عائشة مبارك، وأحمد بهزاد، إضافة إلى النائب الثاني لرئيس المجلس الدكتورة جهاد الفاضل، وقد وافق عليه المجلس في يونيو 2014، وأُحيل للحكومة، وأعادته الحكومة كمشروع قانون وقدَّمته لمجلس النواب في ديسمبر 2014.

ونصّت المادة (316) مكرراً بحسب مشروع القانون المذكور، على أن «يُعاقب بالسجن مدّة لا تقلّ عن خمس سنوات ولا تُجاوز سبع سنوات كل ذكر أو أنثى واقع أحد محارمه وكان يعلم أو لديه ما يحمله على الاعتقاد بأنه أحد محارمه».

وأكد الشوريون مقدِّمو المُقترح، أن النصوص العقابية بقانون العقوبات قد خلت من تجريم زنا المحارم، وأن هناك نصّاً وحيداً اعتبر أصل المجني عليه ظرفاً مشدّداً في جرائم الاغتصاب والاعتداء على العرض، وإعمالاً للمبدأ الدستوري بأن لا جريمة ولا عقوبة إلا بنصّ، فقد تمّ تقديم هذا الاقتراح لسدّ هذا الفراغ التشريعي لتجريم الصلات الجنسية بين المحارم بموجب المادة (316) وأساس الترجيح بأن المقصود بالزنا هو المواقعة الجنسية بين شخص متزوج وآخر.

وقال مقدِّمو المُقترح: «إن المشرع يؤثّم الوطء غير المشروع بين شخص متزوج حال قيام الزوجية فعلاً أو حكماً، مضافاً إلى ذلك وجوب أن يتمّ تقديم شكوى من الزوج المأثوم، وهو قيد وعقبة إجرائية على النيابة العامة لتحريك الدعوى العمومية».

وذكروا أن إضافة المادة إلى الجرائم الماسّة بالأُسرة لعدم انحصار الضرر بمرتكبي الجريمة بل يتعدّاها إلى امتهان شرف الأُسرة بكاملها، وعليه كان لابد من أن تكون العقوبة متناسبة مع بشاعة الجرم، فالزنا المؤثّم بالمادة (316) عقوبته القصوى المحدّدة في المادة سالفة الذكر هي الحبس مدة لا تزيد على سنتين، أما زنا المحارم -بناء على الاقتراح بقانون- فهو جناية تصل عقوبتها إلى سبع سنوات سجناً لمرتكبي الإثم كليهما، وبالتالي تنطبق عليهما أحكام المادة (45) من قانون العقوبات التي تنص على أن «من ساهم في الجريمة بوصفه فاعلاً أو شريكاً يُعاقب بالعقوبة المقرّرة لها ما لم ينصّ القانون على خلاف ذلك»، والمقروءة مع الفقرة الثالثة من المادة (43) والتي نصّت على «ويُعدّ فاعلين من يقومون معاً بقصد مشترك بالأعمال المنفّذة للجريمة أو التي تؤدي مباشرة لارتكابها».

بيد أن لجنة الشؤون الخارجية والدفاع والأمن الوطني، آنذاك، رفضت المشروع المذكور، وبرّرت لجنة الشؤون الخارجية بمجلس النواب رفضها للمشروع لخوفها من شُبهة مخالفة الشريعة الإسلامية المصدر الرئيس للتشريع، حيث إن الحُكم الشرعي يصل إلى القتل.

وأكدت اللجنة أن زنا المحارم جريمة قد يكتنفها الغموض وصعوبة الإثبات، حيث قد تلجأ بعض العائلات إلى إخفاء وقوع مثل هذه الجرائم خوفاً من الفضائح، وكذلك فإن جريمة الزنا تتطلّب إذن من لحقه الضرر لإقامة الدعوى الجنائية، وهو قد لا يتوفّر في حالة زنا المحارم حيث إن المضرور قد يكون هو المتهم ومن ثم يقطع النصّ الطريق على من يتعيّن عليه العقاب».

وبيّنت الحكومة في مذكّرتها الإيضاحية حول المشروع، أنه يهدف لسدّ الفراغ التشريعي حول زنا المحارم، إذ لا توجد عقوبة على الاتصال الجنسي بين بالغين مهما كانت درجة قرابتهما مادام أن كلّاً منهما غير متزوج وكان الاتصال الجنسي من غير عنف أو إكراه، ولا يوجد مُبرّر للمُشرّع البحريني في عدم تأثيم زنا المحارم على الرغم من تأثيم عدد من القوانين الغربية لهذا الفعل المشين مثل القانون الألماني، والسويسري، والإنجليزي، وكذلك بعض التشريعات العربية مثل القانون العراقي، والجزائري، على أساس أن هذه الجريمة يستنكرها الشرع الحنيف والعُرف السليم والفطرة التي فطر الله الناس عليها، كما أنها تهدم كيان الأُسرة التي هي أساس المجتمع السليم، وقد تنامت حالات زنا المحارم المسجّلة لدى المراكز الاجتماعية لضحايا العنف الأُسري، الأمر الذي يتطلّب إقرار القانون.

وخَلَصت الحكومة إلى أن مشروع القانون جاء في وقته المناسب بعد أن تنامت حالات زنا المحارم طبقاً للتقارير الصادرة عن الجهات المختصّة بالمملكة، وأن العقوبة الواردة به جاءت مناسبة لردع كل من تسوّل له نفسه ارتكاب تلك الجريمة الشنعاء التي يأباها الشرع الحنيف وترفضها الفطرة السليمة، ومن شأن تلك العقوبة الحفاظ على كيان الأُسرة التي هي عماد المجتمع وأساسه السليم، كما أن مشروع القانون لا يتعارض مع الدستور والقوانين السارية بالمملكة.