قبل عام من الآن، تقدم ريال مدريد بعرض مالي خيالي للتعاقد مع كيليان مبابي مقابل 180 مليون يورو، وبعد رفض باريس سان جيرمان هذا العرض، عاد فلورنتينو بيريز ووضع 200 مليون على الطاولة، ولم يتغيّر شيء أيضاً بموقف النادي الباريسي.

والجميع حينها تساءل عن سبب قيام ريال مدريد بهذه الخطوة المجنونة، طالما أن اللاعب سيأتي بعد عام واحد فقط بشكلٍ مجاني. لكن بيريز كان يدرك أن استمرار مبابي لموسم آخر مع باريس سيفتح إمكانية خسارة الصفقة للأبد، وقد كان.

كما تعجّب الكثيرين من القدرة المالية التي يملكها ريال مدريد، كون النادي كان خارجاً من أزمة جائحة كورونا، وفي الوقت الذي كان فيه غريمه التقليدي برشلونة يعاني بشدة واضطر لطرد أسطورته ليونيل ميسي من الباب الصغير لعدم قدرته على تجديد عقده، وبعدها تخلّص من أنتوان جريزمان أيضاً، بينما كانت صفقاته خجولة جداً لعدم وجود سيولة مالية، بالإضافة إلى ارتفاع فاتورة الأجور.

في الوقع، كلمة السر في استقرار ريال مدريد المالي تتمحور حول عمل النادي في سوق الانتقالات خلال العقد الماضي، وهناك بعض الأرقام التي قد تثير دهشتك، لأن الريال معروف عنه أن يجلب النجوم دائماً ويحطم الأرقام القياسية في السوق، لكن ما لا يعرفه البعض أن سياسة فلورنتينو بيريز في ولايته الثانية تغيّرت كثيراً، فرغم أنه ينفق ببذخ ببعض المواسم ويحاول جلب أفضل النجوم، لكن كل شيء يكون مدروساً بدقة.

خلال آخر 10 انتقالات صيفية، ريال مدريد أنفق 1.093 مليار يورو، وإن كنت تظن أن هذا المبلغ كبير، فلا تتسرع، لأن هناك 6 أندية أنفقت أكثرت من ذلك، وهي مانشستر سيتي، برشلونة، يوفنتوس، تشيلسي، باريس سان جيرمان وآرسنال على الترتيب.

كما أن الفكرة الرئيسية ليست بالإنفاق، وإنما بحجم الإنفاق، وهناك فارق كبير جداً بينهما، لأنه في الوقت الذي صرف فيه ريال مدريد 1.093 مليار يورو على شراء اللاعبين بآخر 10 سنوات، فإن النادي باع لاعبين في المقابل بقيمة 971 مليون يورو، أي أن الإنفاق الحقيقي يبلغ 122 مليون يورو فقط.

في المقابل، برشلونة مثلاً أنفق في نفس المدة 1.586 مليون على التعاقد مع لاعبين، بينما دخل إلى خزائنه من المبيعات 955 مليوناً، وبالتالي صافي الإنفاق يتخطى حاجز النصف المليار يورو.

ولنرى أرقام مانشستر سيتي، النادي الإنجليزي يعد الأكثر إنفاقاً بواقع 1.618 ملياريورو، والصدمة أنه باع لاعبين بقيمة 694 مليوناً فقط، مما يجعل إنفاقه الصافي يصل إلى مليار يورو كامل تقريباً.

كما يجب أن لا ننسى تشدد ريال مدريد في مسألة الرواتب، ونراه دائماً يحاول التخلص من اللاعبين الذين يتحصلون على رواتب مرتفعة إن تخطوا حاجز 30 عاماً، فقد تم التضحية بكريستيانو رونالدو وسيرجيو راموس ورافاييل فاران وكاسيميرو مؤخراً، بالإضافة إلى العديد من الأسماء الأخرى وهذا كله كان يساعد على تحقيق التوازن المالي

المثير للاهتمام أن ريال مدريد رغم قلة الإنفاق مقارنة بالمنافسين، وتمكنه من تحقيق التوازن المالي بشكل أفضل من جميع أندية أوروبا، إلا أن هذا لم يمنعه من تحقيق النجاح الرياضي أيضاً، فقد توّج خلال هذه الفترة بخمسة ألقاب دوري أبطال أوروبا، وثلاثة ألقاب دوري إسباني.