لكل حلم نهاية، وكانت مباراة المغرب وفرنسا هي المحطة الأخيرة في حلم أسود الأطلس الأكبر في كأس العالم 2022، قبل أن يتم تقليصه.

بثنائية من ثيو هيرنانديز وكولو مواني، أحبطت الديوك الفرنسية جميع محاولات أسود الأطلس على مدار 90 دقيقة، حيث أثبت المنتخب المغربي من خلال أدائه في الملعب استحقاقيته التواجد في هذه المرحلة من البطولة، وأن إقصاء عمالقة مثل بلجيكا وإسبانيا والبرتغال لم يأت عن طريق الصدفة.

ورغم الحمل البدني الشديد على مدار البطولة، تمكن منتخب المغرب من مجاراة حامل اللقب والحفاظ على حظوظه في بلوغ المباراة النهائية، لكن خبرات فرنسا وتمرسها كانا بمثابة عامل تفوق كبير على "أسود الأطلس".

***

بداية متحفظة من المغرب

أراد وليد الركراكي المدير الفني لمنتخب المغرب أن يبدأ بداية حذرة أملًا في إطالة نتيجة التعادل السلبي لأطول وقت ممكن، حيث قرر اللعب بثلاثي في قلب الدفاع مكون من رومان سايس وأشرف داري وجواد الياميق، لكن السيناريو لم يسر كما أراد.

هدف مبكر عن طريق ثيو هيرنانديز نتيجة سوء انتشار لاعبي دفاع المغرب رغم كثرة عددهم، ضرب الحسابات المغربية مبكرًا، وأربك كل أوراق الركراكي.

إصابة رومان سايس وإن كانت بمثابة نبأ سيئ، إلا أنها منحت الفرصة للركراكي للعودة إلى قواعده الأولى، حيث أشرك لاعب الوسط سليم أملاح بدلًا منه ليعود إلى الرسم التكتيكي 4-3-3.

بدأ المغرب في دخول المباراة شيئًا فشيئًا، ومع نهاية الشوط الأول، بدت فكرة تعادل أسود لأطلس مسألة وقت، حيث هُدد مرمى هوجو لوريس عن طريق مقصية رائعة من المدافع جواد الياميق، لامسها الحارس الفرنسي المخضرم، وارتطمت بالقائم الأيمن.

***

خبرة منتخب فرنسا

وصف الأرجنتيني ماوريسيو بوكيتينو، المدير الفني السابق لباريس سان جيرمان، في مقال لـ"ذا أثليتك"، لاعبه السابق كيليان مبابي، بقوله: "يكفيه الظهور في مناسبة أو مناسبتين على مدار المباراة ليمنح فريقه الأفضلية".

ومرة جديدة يأتي الحل عن طريق مبابي، وإن كان لم ينجح في التسجيل، لكنه شكل خطورة كبيرة خلف جبهة أشرف حكيمي الذي اندفع هجوميا مع الجناح حكيم زياش.

ورغم استبسال لاعبي المغرب في غلق هذه المنطقة أمام خطورة مبابي، فإن تحركاته ومهاراته الفردية أسفرت عن هدف ثان لفرنسا عن طريق الشاب كولو مواني، حتى وإن كان جاء بطريقة عشوائية، لكن تحركات مبابي المزعج منحت الحل.

هكذا لعبت فرنسا على مدار البطولة، وبدا وكأن مسارها إلى المباراة النهائية بأقل مجهود في كل مباراة. فالفريق يعرف كيف ومتى يسجل، ومتى يترك نفسه عرضة للضغط، ومتى يبدأ في الضغط على الخصم وشن موجات هجومية لإحراز هدف.

هكذا هي فرنسا المتمرسة، التي قد ينجح أسلوبها في قيادتها لتتويج ثان على التوالي.

***

جريزمان نجم البطولة

تتغنى الجماهير بليونيل ميسي، ويُعجب البعض بكليان مبابي، ويتعاطف العرب مع بعض نجوم المغرب ويتغنون بأدائهم في البطولة، لكن المستويات التي يقدمها أنطوان جريزمان منذ بداية المسابقة تجعله مرشحًا لجائزة الأفضل في البطولة.

اكتشاف مميز من ديدييه ديشامب للاعب لطالما امتاز بقدراته كجناح هجومي يسهم تهديفيًا أو في صناعة الأهداف، لكنه اكتسب مزايا دفاعية مهمة من اللعب تحت قيادة دييجو سيميوني في ولايتين، وقد استغلها ديشامب خير استغلال.

4 تمريرات مفتاحية، ونسبة نجاح بلغت 80% في التمريرات، وتنفيذ 3 كرات عرضية بشكل ناجح من أصل 4 محاولات، بجانب صناعة فرصة خطيرة واحدة، هي الأرقام التي تلخص مساهماته الهجومية.

أما المميز حقًا فهو إسهامه الدفاعي مع الديوك طوال البطولة، والذي استمر اليوم من خلال نجاحه في الفوز في 6 التحامات أرضية من أصل 10، والتحام هوائي واحد من أصل محاولتين، كما ارتُكبت ضده الأخطاء في 4 مناسبات.

ونجح جريزمان في توقع مسار تمريرات المغرب بشكل صحيح في مناسبتين، كما استخلص الكرة من مناطق دفاع فريقه في 3 مناسبات، ونجح في اقتطاع الكرة من خصومه في مناسبتين بشكل ناجح، وهي الأمور التي تنجح في استعادة حيازة الكرة لصالح المنتخب الفرنسي، وتشكيل خطورة على مرمى ياسين بونو.