بلونه الذهبي ورمزية تصميمه المبدع الذي يجمع دول العالم، يظل مجسم بطولة كأس العالم لكرة القدم علامة فارقة في تاريخ اللاعبين جميعهم الذين يسعون لنيل شرف حصده واستلامه على منصة التتويج مع منتخبات بلادهم في البطولة الكروية الأعظم على مدار التاريخ، وهو ما سيسعى إليه 832 لاعبا يمثلون 32 منتخبا في نهائيات بطولة كأس العالم FIFA 2022، التي ستختتم الأحد بين فرنسا والأرجنتين.

ومنذ انطلاق منافسات بطولة كأس العالم عبر النسخة الأولى في الأوروغواي عام 1930، قدم الاتحاد الدولي لكرة القدم (فيفا) نسختين مختلفتين فقط من الكأس الذهبية للمنتخبات المتوجة باللقب.

النسخة الأولى من الكأس حملت أولا اسم "كأس النصر"، ومن ثم أطلق عليها اسم "كأس جول ريميه" نسبة إلى المحامي الفرنسي جول ريميه الرئيس الأول للاتحاد الفرنسي لكرة القدم، ورئيس الاتحاد الدولي الأسبق، والذي وُصِف بالأب الروحي لبطولة كأس العالم، وقد صُنِعت هذه الكأس من الفضة، مع طلائها بالذهب.

الكأس الأولى لبطولة العالم يعود الفضل في تصميمها إلى النحات الفرنسي أبيل لافلور، والذي قام بصناعة الكأس في البداية من الذهب، مع استخدام قاعدة من الرخام الأبيض، قبل أن تُستبدل القاعدة عام 1958 بأخرى مصنوعة من اللازورد الأزرق.

ارتفاع الكأس في نسختها الأولى قدر بحوالي 35 سنتيمتراً، فيما بلغ وزنها نحو 3.8 كيلوجرام، فيما كان الشكل في بدايته يشير إلى "نايكي" أيقونة النصر لدى اليونانيين، مع وجود قدر ذهبي يرمز إلى المنتخب المُتوج بالبطولة.

وكان خوسيه نسازي كابتن منتخب الأوروغواي هو صاحب شرف الحصول على أول كأس عالم بعد فوزه بلاده بلقب النسخة الأولى عام 1930 التي أقيمت في الأوروغواي، بعد الفوز على الأرجنتين (4 - 2) في المباراة النهائية.

ونُقشت على لوحات الكأس الذهبية الملصقة على كل جانب من جوانبها الأربعة أسماء الدول الفائزة بكأس العالم من عام 1930 وحتى 1970 وهي: الأوروغواي (1930 و1950)، وإيطاليا (1934 و1938)، وألمانيا (1954)، وإنجلترا (1966)، والبرازيل (1958 و1962 و1970).

ووفقا لقوانين الاتحاد الدولي، احتفظ المنتخب البرازيلي بكأس العالم للأبد بعد فوزه باللقب للمرة الثالثة في تاريخه خلال مونديال المكسيك عام 1970، لتوضع الكأس في مقر الاتحاد البرازيلي لكرة القدم داخل خزانة زجاجية مضادة للرصاص، لكن البرازيل تلقت يوم 19 ديسمبر 1983 صدمة سرقة الكأس والتي لم تظهر "في نسختها الأصلية" حتى هذه اللحظة.

وبعد احتفاظ البرازيل بكأس الأولى "جول ريميه"، قرّر الاتحاد الدولي لكرة القدم بعد مونديال 1970 صُنع كأس بديلة، حيث تلقى 53 عرضاً من فنانين ونحاتين من 7 دول مختلفة، قبل أن يقع الاختيار على النحات الإيطالي سيلفيو غازانيغا، العامل حينها في شركة "لبيرتوني" لصناعة الميداليات.

وغازانيغا الذي توفي عام 2016، عن عمر ناهز 95 عاماً، نجح في تقديم كأس لن ينساها التاريخ، وهو المجسم الذي بلغ ارتفاعه 36.5 سنتيمتراً، مع قاعدة قطرها 13 سنتيمتراً، كُتِب عليها كأس العالم.

ويظهر في مجسم كأس العالم الذي صنعت في مدينة باديرنو دونيانو شمال إيطاليا ويبلغ وزنه الكلي 6.175 كيلوجرام، شخصان من الرياضيين يحملان الكرة الأرضية، في حين يظهر شكله مجوفا غير أنه متين، حيث يصف سيلفيو غازانيغا فكرة تصميمه بأنها "خطوط الربيع الخارجة من قاعدة وترتفع على شكل لولبي وتمتد يدها إلى الخارج لكي تلمس العالم"، وذلك في إشارة إلى البطولة التي تجمع منتخبات العالم في محفل واحد، مع وجود طبقتين من المرمر تزينان الكأس الذهبية.

وصناعة مجسم كأس العالم مرت بمراحل مختلفة من حيث القيمة المالية، حيث بلغت التكلفة للنسخة الأولى التي صنعها غازانيغا ما يصل إلى نحو 50 ألف دولار أمريكي، بينما تُقدر تكلفة صناعة الكأس الحالية وقيمتها بما يزيد عن 10 ملايين دولار.

ويتم نقش اسم الفريق الفائز بالبطولة في خلفية الكأس لتبدو غير مرئية إذا حمل الكأس من الأمام، إذ ينقش اسم المنتخب والسنة بلغة الفائز مثال: 1994 Brasil باللغة البرتغالية، و1974 Deutschland باللغة الألمانية.

ومنذ مونديال ألمانيا 1974 وحتى مونديال جنوب إفريقيا 2010، بلغت عدد الأسماء المحفورة على قاعدة كأس العالم 12 منتخبا فائزا، إلا أنه لا يعرف حتى الآن مستقبل الكأس بعد أن تمتلئ كل من منطقة الأسماء في قاعدته وهذا لن يحدث قبل نهائيات مونديال 2038.

وتنص لوائح الاتحاد الدولي /فيفا/ حاليا على أن الكأس الحالية لا يمكن امتلاكها مدى الحياة، حيث يصنع الفيفا كل بطولة نسخة طبق الأصل من الكأس الحقيقية، حيث يحتفل المنتخب الفائز باللقب بالنسخة الأصلية، ومن يحصل على النسخة طبق الأصل من الكأس مطلية بالذهب ويحتفظ بها مدى الحياة.