جرود عرسال أكثر من وهم وأقل من حقيقة، مع انتهاء معارك جرود عرسال، وبعد أن منح رئيس الحكومة سعد الدين الحريري الغطاء الكامل للجيش اللبناني، وأهمية هذا الغطاء أنه يمنح من أكبر مرجعية سنية في البلاد بالإشارة إلى أن كل رؤساء الحكومات السابقة تثق بقدرات الجيش اللبناني وتوفر له كل الدعم والغطاء اللازم عندما يكون الجيش في مواجهة مع مجموعات إرهابية في رسالة واضحة أن سنة لبنان لم ولن يدافعوا عن أية مجموعة تحمل أفكاراً متطرفة، وهنا أعني جبهة «النصرة»، بالرغم من اعتراف معظم المطلعين أن الجبهة غالبيتها من السوريين وعدد كبير منهم كان من الجيش الحر، ولولا التقصير من الدول التي سبق لها أن أعلنت دعمها للجيش الحر وللثورة السورية ربما لما سمعنا بجبهة النصرة في جرود عرسال، وربما في سوريا بأكملها. المعركة لم يخضها الجيش اللبناني واكتفى بمنع المسلحين من التوجه إلى عرسال إضافة الى حماية النازحين الذين بغالبيتهم هم أهالي شباب النصرة ومن سكان المناطق القريبة من الحدود اللبنانية.

«حزب الله» خاض المعركة نيابة عن الجيش ضد هؤلاء بالرغم من أنه المسؤول الأول عن تهجيرهم من تلك المناطق وتحديداً مدينة القصير.

المعركة كانت مكلفة رغم مدتها القصيرة، عدد كبير من شباب «حزب الله» سقطوا في تلك المعركة إضافة إلى الأسرى، مما سمح لجبهة النصرة بتحقيق معظم مطالبها من لبنان.

«حزب الله» أراد الإسراع في هذه المعركة بهدف تحقيق مكسب واحد، ألا وهو ضمان وجوده ومشاركته في مفاوضات المنطقة الآمنة التي من حيث المبدأ متفق عليها بين روسيا وأمريكا إضافة إلى تركيا كدولة إقليمية، فـ «حزب الله» أراد تحقيق انتصار وهمي يستخدم داخلياً، وربما يعتقد أنه يمكن استثماره دولياً كقوة فاعلة في مواجهة الإرهاب في زمن العقوبات الأمريكية وربما العربية والأوروبية لاحقاً، وهذا ما تحاول بعض القوى السياسية في لبنان تسويقه وتحديداً المسيحية منها لدرجة أن العديد من الكتاب المسيحيين وصفوا مواقف هذه القوى في محاولة تسويقهم لـ «حزب الله»، «بالذمية».

السؤال الكبير الذي يطرح اليوم، هل ينجح «حزب الله» المدعوم من إيران باستكمال مشروعه في تلك المنطقة؟ والسؤال الأكبر، لماذا قرر «حزب الله» أن ينسحب من مواجهة «داعش»، تاركاً ذلك للجيش اللبناني؟ فجرود عرسال أكثر من وهم وأقل من حقيقة.