منذ ظهور تنظيم داعش وانتشاره في أواخر 2014 تكرر الحديث عن المبادرات العربية لمواجهة خطر التنظيمات المسلحة، من بينها مشروع القوة العربية المشتركة الذي عاد للواجهة مرة أخرى.

إلا أن هذا المشروع وبالرغم من توقيع الدول العربية عام 2015 على بروتوكول تشكيل القوة العربية المشتركة، لم ينطلق بعد بشكل كامل.

ومع انحسار تنظيم داعش عادت إيران لتهدد بإغلاق مضيق هرمز لمنع دول الخليج من تصدير النفط في حالة انقطاع صادراتها نتيجة عودة العقوبات الأمريكية من جديد.

ومع هذا التطور الجديد في أمن منطقة الخليج أعلن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب اعتزامه تشكيل حلف عسكري جديد مدعوم أمريكياً وموجه ضد إيران.

أطلق على هذا التحالف المراد إنشاؤه «الناتو العربي» إلا أنه من حيث المضمون يبدو أقرب للتحالف المؤقت لهدف محدد «Coalition» منه إلى التحالف العسكري الدائم «Alliance».

فبحسب محللين فإن هذا التحالف يهدف بشكل رئيس إلى الحد من النفوذ الإيراني في المنطقة ومواجهتها عسكرياً إذا استلزم الأمر ذلك.

وعلى الأرجح فسيكون مشكلاً من دول الخليج بالإضافة إلى مصر والأردن. وهذه الدول بطبيعة الحال لديها خلفية من التعاون المتين وتشكل ثقلاً عسكرياً وسياسياً واقتصادياً وبشرياً مهماً لمواجهة إيران.

من إيجابيات تشكيل تحالف عربي لمواجهة إيران هو توحيد الموقف سياسياً وعسكرياً تجاه النفوذ الإيراني في المنطقة ووضع استراتيجية عملية لمواجهتها. وتحقيق التوازن العسكري والبشري بين دول الخليج وإيران بالتعاون مع الأردن ومصر. وكذلك تنسيق الجهود العسكرية بين دول التحالف وتسهيل تموضع القوات لحماية الدول الأعضاء في الحلف والممرات المائية الحيوية كمضيق هرمز ومضيق باب المندب.

وعلى الرغم من وجود فوائد جمة حقيقية لإنشاء «الناتو العربي» إلا أنه هناك عوائق وإشكالات واقعية يجب أن يتم التطرق لها لكيلا يصبح مصيره كحال القوة العربية المشتركة.

من أهم العقبات أمام تشكيل هذا الحلف هو تباين وجهات النظر بين الدول الأعضاء حول قضايا المنطقة ناهيك عن تباين وجهات النظر بين بقية الدول الأعضاء حول قضايا المنطقة بدءاً. وهناك صعوبات أخرى تتعلق بالمدة الزمنية القصيرة المتاحة لإنشاء هذا التحالف أمام التهديد الإيراني الماثل الآن.

في ظل هذه المعطيات، فمن المتوقع أن تقوم الولايات المتحدة بالدفع لإنجاح هذا التحالف بشكل كبير. فالمعارضة الأوروبية للانسحاب الأمريكي من الاتفاق النووي يعني أن ترامب سيجد نفسه مضطراً لتشكيل تحالف مع دول المنطقة لمواجهة إيران دون الاعتماد على حلفائه التقليديين في أوروبا.

فعلى الرغم من كون المسألة الإيرانية تخص أمن دول الخليج بشكل أساسي، إلا أنه لا يمكن تجاهل استفادة الولايات المتحدة بشكل كبير من تشكيل هذا التحالف العربي الجديد.

فهذا التحالف سيوفر غطاءً دولياً لأي تحرك أمريكي ضد إيران. مما سيمكن الرئيس الأمريكي ترامب من تفادي أي انتقادات دولية ضده في حال تحركه ضد إيران على عكس ما إذا كان التحرك أمريكياً فردياً.

وسيمكن التحالف الولايات المتحدة كذلك من إعطائه دوراً مهماً في أي عمل متوقع ضد إيران، سواء كان في مضيق هرمز أو غيره. بالإضافة إلى مواجهة إيران، من المتوقع أن يحقق هذا التحالف أهدافاً أخرى للولايات المتحدة في مجال ترسيخ نفوذها في المنطقة.

مع هذا كله قد يبدو لكثير من المراقبين أن الحديث عن تشكيل تحالفات عربية عسكرية حديث مكرر وغير قابل للتطبيق نظراً لكثرة المحاولات السابقة. إلا أنه في ظل التغيرات والصراعات الإقليمية في المنطقة أصبح من المهم أن نفتح آفاق التحليل لسيناريوهات قد تكون محتملة في القريب العاجل. إن هذه المتغيرات والأحداث التي عصفت وأثرت على المنطقة تأثيراً كبيراً أكدت على حاجة الدول لأن تسعى لإقامة تحالفات وتكتلات سياسية واقتصادية كبرى وألا تكتفي بالكيانات صغيرة الحجم.

* مساعد باحث بمركز البحرين للدراسات الاستراتيجية والدولية والطاقة «دراسات»