لقد نبغ العلماء القدماء في مصر والصين والهند والحضارات القديمة بما في ذلك الحضارة الإسلامية في فنون العلاج وأشير للنبوغ الحضاري للإنسان المصري الذي لم يستطع كثيرون في العصر الحديث فك شفرة علم التحنيط للموتى والعلوم الطبية الأخرى. ونشير في هذا الصدد لنبات المورنجا Moringa الذي اكتشفه الهنود والمصريون وعالجوا به كثيراً من الأمراض. واعيد إكتشافه حديثا وما فيه مــــن إمكانيات لعلاج العديد من الأمراض المستعصية.
ولقد كان إعادة الاكتشاف من نخبة من علماء مصر في المركز القومي العلمي وكان ومازال رائد هذه النخبة وملهمها الأستاذ الدكتور أبو الفتوح محمد عبدالله يوسف وعدد من مساعديه ومن بينهم الدكتور محمد عزو مسئول الإعلام العلمي حول هذا النبات. ولقد زرت تلك الوحدة العلمية، وأدركت سر معجزة المصريين القدماء التي تتمثل في العمل الجاد والأخلاص في البحث العلمي بعيداً عن المظاهر البراقة و المباني الفخمة، هذه النخبة تجلس في غرفة صغيرة، كما لو كانوا من المبتدئين وهم من نخبة العلماء، ولا تسعفني الذاكرة للتحدث عن كل واحد أو واحدة منهم ولكن هذه الوحدة اثبتت خمس حقائق:
الأولى: إن البحث العلمي الجاد متوافر لدى تلك النخبة غير عابئين بالمكان الضيق وغير الملائم لهؤلاء العلماء. وهم يبحثون بدون تذمر وبدون مصلحة شخصية، ودافعهم العمل العلمي المبتكر في مجال الطب المصري التقليدي.
الثانية: إن هؤلاء العلماء لا يسعون لمنصب أو وظيفة عليا في الجهاز الإداري أو المؤسسات العلمية بقدر اهتمامهم بالبحث العلمي الحقيقي، ووجدت على مكتب أحدهم ما لا يقل عن عشرة مجلدات من رسائل الماجستير والدكتوراه التي أشرفوا عليها ذات صلة بالمورنجا Moringa. وتساءلت في نفسي أين وزارتي البحث العلمي والصحة لتشجيع ذلك. وهذا أعاد لذاكرتي أمرا مهما ومحزنا عندما كنت مندوب مصر الدائم في جامعة الدول العربية وكان هناك اجتماع لوزراء البحث العلمي العرب، وهالني أن معظم حديثهم كان عن قراءة الفنجان والتنبؤات المرتبطة به، وكان الأكثر إيلاماً لنفسي وزير البحث العلمي المصري آنذاك فأدركت أن البحث العلمي العربي في مأساة عظيمة، وهذا سر التخلف العربي، وقلت في نفسي أين إبن رشد صاحب علم المنطق والعقل، وإبن خلدون رائد علم الاجتماع، وإبن سيناء رائد الطب في العصور الزاهرة للحضارة الإسلامية، والذي اعتمد عليه الأوروبيون في عصر النهضة وكان كتاب «القانون في الطب» هو المرجع الرئيسي لأوروبا لعدة قرون، وإبن النفيس مكتشف الدورة الدموية وحزنت آنذاك حزناً عميقاً.
وللحديث بقية.
* مستشار رئيس مجلس أمناء مركز "دراسات" - سفير مصر الأسبق في الصين
{{ article.visit_count }}
ولقد كان إعادة الاكتشاف من نخبة من علماء مصر في المركز القومي العلمي وكان ومازال رائد هذه النخبة وملهمها الأستاذ الدكتور أبو الفتوح محمد عبدالله يوسف وعدد من مساعديه ومن بينهم الدكتور محمد عزو مسئول الإعلام العلمي حول هذا النبات. ولقد زرت تلك الوحدة العلمية، وأدركت سر معجزة المصريين القدماء التي تتمثل في العمل الجاد والأخلاص في البحث العلمي بعيداً عن المظاهر البراقة و المباني الفخمة، هذه النخبة تجلس في غرفة صغيرة، كما لو كانوا من المبتدئين وهم من نخبة العلماء، ولا تسعفني الذاكرة للتحدث عن كل واحد أو واحدة منهم ولكن هذه الوحدة اثبتت خمس حقائق:
الأولى: إن البحث العلمي الجاد متوافر لدى تلك النخبة غير عابئين بالمكان الضيق وغير الملائم لهؤلاء العلماء. وهم يبحثون بدون تذمر وبدون مصلحة شخصية، ودافعهم العمل العلمي المبتكر في مجال الطب المصري التقليدي.
الثانية: إن هؤلاء العلماء لا يسعون لمنصب أو وظيفة عليا في الجهاز الإداري أو المؤسسات العلمية بقدر اهتمامهم بالبحث العلمي الحقيقي، ووجدت على مكتب أحدهم ما لا يقل عن عشرة مجلدات من رسائل الماجستير والدكتوراه التي أشرفوا عليها ذات صلة بالمورنجا Moringa. وتساءلت في نفسي أين وزارتي البحث العلمي والصحة لتشجيع ذلك. وهذا أعاد لذاكرتي أمرا مهما ومحزنا عندما كنت مندوب مصر الدائم في جامعة الدول العربية وكان هناك اجتماع لوزراء البحث العلمي العرب، وهالني أن معظم حديثهم كان عن قراءة الفنجان والتنبؤات المرتبطة به، وكان الأكثر إيلاماً لنفسي وزير البحث العلمي المصري آنذاك فأدركت أن البحث العلمي العربي في مأساة عظيمة، وهذا سر التخلف العربي، وقلت في نفسي أين إبن رشد صاحب علم المنطق والعقل، وإبن خلدون رائد علم الاجتماع، وإبن سيناء رائد الطب في العصور الزاهرة للحضارة الإسلامية، والذي اعتمد عليه الأوروبيون في عصر النهضة وكان كتاب «القانون في الطب» هو المرجع الرئيسي لأوروبا لعدة قرون، وإبن النفيس مكتشف الدورة الدموية وحزنت آنذاك حزناً عميقاً.
وللحديث بقية.
* مستشار رئيس مجلس أمناء مركز "دراسات" - سفير مصر الأسبق في الصين