إن من أهم الأمور التي يجب على الدولة أن تنتبه لها جيداً، هي مسألة المحافظة على البيئة ما استطاعت إلى ذلك سبيلا. فالمحافظة على البيئة والحياة البحرية والفطرية والزراعية ومعهم المناخ العام تعتبر من أولويات الدول المتقدمة لإبقائها في المجال الحيوي والطبيعي لمستقبل خالٍ من كل أشكال التلوث والضوضاء والفوضى التي تنتجها المصانع بكافة أشكالها وأحجامها وأنواعها.

في البحرين، وبما أننا نقطن في جزيرة جميلة صغيرة يجب أن يكون الحفاظ على البيئة من أهم برامج الحكومة في وقتنا الراهن، خاصة وأن البحرين تقع على مستوى منخفض جداً عن سطح البحر أو كما يقال بسبب ارتفاع منسوب مياه سطح البحر. فلا التلوث البحري ولا البري ولا التلوث الجوي يساهم في إيجاد فرصٍ حقيقية لحياة سليمة خالية من الأمراض والتلوث والمشاكل التي تُؤذي الإنسان بشكل مباشر في البحرين.

إن ما كنَّا نخشاه ونحذر منه بالأمس وجدناه يتحقق على أرض الواقع اليوم، والذي يتمثل في مخالفة مئات المنشآت الصناعية للأنظمة والقوانين البيئية المعمول بها في البحرين على الرغم من كل التحذيرات المتكررة بخصوص أهمية المحافظة على البيئة والحياة الفطرية. في هذا الشأن، أكد سمو الشيخ عبدالله بن حمد آل خليفة الممثل الشخصي لجلالة الملك المفدى رئيس المجلس الأعلى للبيئة، أن عمليات التفتيش والمسح الميداني تكررت بواقع زيارتين لكل منشأة خلال عام 2018، ونتج عنها ضبط ومخالفة أكثر من 530 منشأة خدمية وصناعية لم تلتزم بالاشتراطات البيئية الممنوحة. كما سيدقق فريق التفتيش على المخلفات الصناعية التي تنتجها هذه المصانع ومراقبة آلية معالجتها أو التخلص السليم منها وفق الإجراءات والقرارات التي أقرها المجلس الأعلى للبيئة لهذا القطاع، ووفقاً لالتزام مملكة البحرين تجاه الاتفاقيــات الدولية في مجال الحماية من المخلفات الصناعية.

نعم، نحن في حاجة ماسة لوضع خطط ومشاريع محكمة لضبط عملية الحفاظ على البيئة وعدم تجاوز قانونها، فالالتزام بالضوابط التي حددها المجلس الأعلى للبيئة هي من أجل حماية ما تبقى من حياة فطرية وأجواء خالية من السموم وبيئة نقية لمملكة البحرين، كما أن بلدنا ملتزم بالعديد من الاتفاقيات الدولية الخاصة بالبيئة والخاضة للرقابة العالمية يجب على الحكومة الالتزام بها لكي لا تُحْرَج في تلكم المحافل لو استمرت المخالفات القوية والصريحة، وهذا لا يكون إلا بوضـع ضوابـط ومحددات قاسيـة من أجل عدم مخالفة أية منشأة صناعية لأنظة البيئـة. فالرقم الذي طرحه سموه في عام واحد فقط ينم عن حجم المخالفات وفداحة عددها، ومن هنا وجب على هذه المنشآت المخالِفة تصحيح أوضاعها في أقرب وقت قبل أن تصدر تشريعات وعقوبات تُوقِف نشاطها لو أصرت على المخالفة مهما كانت سمعتها ومكانتها. فلا شيء اليوم أهم من بيئة صالحـة للعيـش الآدمـي.