الحرة

تهدد الارتفاعات القياسية في درجات الحرارة، التي تشهدها مناطق عدة في العالم، بحدوث ارتفاعات في أسعار الغذاء، وتشير صحيفة وول ستريت جورنال الأمريكية إلى أن أنماط الطقس الجديدة "يمكن أن تقلب مناطق إنتاج الغذاء الرئيسية اليوم رأسا على عقب".

ووصلت درجات الحرارة إلى أعلى مستوى لها على الإطلاق، مؤخراً.

وسجلت الصين رقماً قياسياً، الأحد الماضي، عندما قفزت درجات الحرارة إلى 52 درجة في شمال غرب البلاد، فيما تكافح أوروبا حرائق الغابات والجفاف مع تسجيل درجات حرارة قياسية في بلدان مثل إيطاليا وإسبانيا واليونان.

وتوقع المركز الوطني للأرصاد بالسعودية استمرار تأثير ارتفاع درجات الحرارة حتى نهاية الأسبوع الحالي في 4 مناطق بالمملكة، لتتراوح بين 46 إلى 50 درجة مئوية.

وكان الرابع من يوليو الجاري الأكثر حرارة على الصعيد العالمي قبل أن يتم تجاوزه بسرعة في الخامس والسادس من الشهر ذاته، ليكون بذلك الأسبوع الأول من يوليو الأعلى حرارة، بحسب منظمة الأرصاد الجوية العالمية والوكالة اليابانية للأرصاد الجوية.

التغيرات المناخية تقود العالم لتحطيم أرقام قياسية في سجلات الحرارة

بعد أن أجمعت معظم المؤسسات المتخصصة في تتبع المناخ على أن يونيو كان الشهر الأكثر سخونة على الإطلاق، يواصل الصيف الجاري تحطيم الأرقام القياسية لأعلى درجات الحرارة المسجلة.

ويُتوقع أن يصبح يوليو 2023 الشهر الأكثر سخونة على الإطلاق، ليس فقط منذ بدء تسجيل درجات الحرارة إنما منذ "مئات إن لم يكن آلاف السنين"، بحسب كبير علماء المناخ في وكالة الفضاء الأميركية (ناسا)، غافين شميت.

وهذه الظروف الجوية المتطرفة ستنعكس على المزارعين في مناطق إنتاج الغذاء المهمة، وفق وول ستريت جورنال.

وتشير الصحيفة إلى فساد المحاصيل في ولاية كانساس بسبب تعرض معظم مناطق الولاية للجفاف، ومن المتوقع أن ينخفض محصول القمح في الولاية بمعدلات تاريخية هذا الشتاء، وذلك بنسبة 22%، عن العام الماضي، بحسب وزارة الزراعة الأمريكية.

وفي أوروبا، من المتوقع أن تكون غلة محاصيل القمح الإسبانية أقل 38% من متوسطها لخمس سنوات، وفقا لتقديرات المفوضية الأوروبية.

وفي إيطاليا، تشير التقديرات إلى أن الأبقار التي تعاني من ارتفاع درجات الحرارة ستنتج ألبانا أقل بنسبة 10%.

وقال أستاذ علوم الأرض في جامعة إكستر تيم لينتون،: "عندما يبدأ الطقس المتطرف بالظهور، قد تفشل الأماكن التي كانت بمثابة سلة خبز لمئات السنين".

ووفقا لدراسة نُشرت في مجلة المناخ والغلاف الجوي NPJ، كانت نسبة حدوث طقس متطرف في الغرب الأوسط الأمريكي والصين في عام 1981 هي مرة كل 100 عام. أما الآن، يواجه المزارعون الصينيون خطر حدوث انتكاسات كبيرة مرتبطة بالطقس مرة كل 16 عاما، وفي الولايات المتحدة، يمكن أن يتسبب الطقس القاسي في إتلاف المحاصيل كل ست سنوات.

وستخفف التجارة العالمية من تأثير بعض التقلبات، إذ يمكن أن تعوض المحاصيل من الخارج المحاصيل المحلية الضعيفة. وستجد تقنيات الزراعة طرقا للتكيف، ويمكن تعديل البذور وراثيا للتعامل مع الحرارة والجفاف.

لكن الحقول الأكثر تعرضاً لسخونة الطقس قد تضطر إلى التخلي عن إنتاج المحاصيل تماما لصالح المناطق الأكثر برودة.

وهذا الوضع أكثر صعوبة بالنسبة لنباتات معينة، مثل أشجار الزيتون التي تحتاج إلى 10 سنوات على الأقل لتنضج. ويقول المزارعون في إسبانيا، وهي منتج رئيسي لزيت الزيتون، إن حصاد هذا العام سيكون سيئاً للغاية بسبب الحرارة الشديدة.

وارتفعت أسعار زيت الزيتون البكر الممتاز بنسبة 87%، خلال العام الماضي، ويرجع ذلك جزئيا إلى ارتفاع درجات الحرارة بشكل غير اعتيادي في 2022.

وأدت موجات الحر في أوروبا، الصيف الماضي، إلى ارتفاع أسعار الغذاء 0.67 %، وفقا لتقديرات البنك المركزي الأوروبي. وبحلول 2035، يعتقد البنك أن درجات الحرارة المرتفعة ستضيف ما بين 0.92 و3.23 نقطة مئوية لتضخم الغذاء العالمي سنوياً.

وجاء في تقرير سابق لفورشن أنه في الصيف الماضي، تسببت موجة الحر الشديدة في أوروبا في ذبول المحاصيل، وجفاف الأنهار، وبقاء العمال في منازلهم هرباً من درجات الحرارة الحارقة، مما أدى إلى مفاقمة التضخم الذي أحدثته حرب أوكرانيا.

لكن على الرغم من أن تغير المناخ كان له تأثير ملموس على الأسعار، العام الماضي، فإنه لن يقارن بالتضخم بعد عقد من الآن، وفق فورشن.

وتوقع تقرير نشره في مايو الماضي البنك المركزي الأوروبي ومعهد بوتسدام لأبحاث تأثير المناخ أن تؤدي درجات الحرارة المرتفعة في أوروبا إلى تضخم الغذاء بنسبة 50% عام 2035.

ويمكن أن يضيف تغير المناخ نقطة مئوية واحدة للتضخم العالمي بشكل عام كل عام من الآن وحتى 2035، أما أسعار المواد الغذائية فيمكن أن تزيد نسبة تضخمها عن 3 % سنويا حيث تؤدي درجات الحرارة المرتفعة إلى تدمير المحاصيل في العالم، وفق البنك المركزي الأوروبي، ومعهد بوتسدام.