محرر الشؤون المحلية

منذ بداية ستينات القرن الثامن عشر الميلادي شكل وجود آل خليفة في شبه جزيرة قطر وتأسيسهم للزبارة على الساحل الشمالي الغربي، علامة بارزة في تأسيس الدولة الخليفية، حيث بايعت قبائل شبه جزيرة قطر آل خليفة كحكام لهذه الدولة التي امتدت لتشمل كامل شبه الجزيرة إلى جانب جزر البحرين بعد فتحها، في عهد الشيخ أحمد بن محمد آل خليفة، لتصبح الزبارة العاصمة التاريخية للدولة الخليفية في كل من شبه جزيرة قطر وجزر البحرين.

وفي العهود اللاحقة تم تعزيز التحصينات العسكرية في عدد من مناطق الساحل الشرقي لشبه جزيرة قطر التابعة لإمارة آل خليفة، وقد حرص المسؤولون البريطانيون على التأكد من تطبيق معاهدة السلم العامة والموقعة عام 1820م، والتي تعد اعترافاً بريطانياً بتبعية شبه جزيرة قطر لجزر البحرين. ويذكر المقيم السياسي البريطاني في الخليج العربي الملازم جون ماكلويد بأنه ذهب إلى البدع (الدوحة) باعتبارها تابعة للبحرين عام 1823م.



وفي عام 1823م قام الملازم. هاوتون برسم ساحل مدينة البدع (الدوحة)، وكان من ضمنها حصن البدع الذي يعد علامة بارزة في سيادة آل خليفة على الساحل الشرقي لشبه جزيرة قطر.

كما شهد عام 1850 بناء قلعة البدع بحسب ما أرخ لها جون غوردون لوريمر، والقلعة تختلف عن حصن البدع السابق. حيث تقع القلعة بين منطقتي الدويحة والبدع (الدوحة) في الساحل الشرقي لشبه جزيرة قطر، وقد تغير اسمها لاحقاً لقلعة العسكر، وموقعها الحالي هو الديوان الأميري القطري.

أما عن إدارة البدع (الدوحة) يقول جون غوردون لوريمر بأن حاكم البحرين وتوابعها في منتصف القرن التاسع عشر (حوالي 1850)، قام بتعيين ممثل سياسي من قبله وجعل مقره البدع، وهم في العادة من أفراد الاسرة الحاكمة (آل خليفة)، وهذا التاريخ يتزامن مع تأسيس القلعة وهذا الأمر يؤكد بأن إدارتها كانت تتم عبر ممثل سياسي من الأسرة الحاكمة.

وفي منطقة الوكرة على الساحل الشرقي لشبه جزيرة قطر، أمر الشيخ محمد بن خليفة آل خليفة، بتعيين الشيخ أحمد بن محمد بن أحمد بن سلمان آل خليفة ممثلاً سياسياً من قبله عليها، وأصبحت للوكرة مكانة كبيرة في شبه جزيرة قطر في عهد الشيخ محمد بن خليفة آل خليفة ووصفها محمد بن خليفة النبهاني في كتابه التحفة النبهانية في تاريخ الجزيرة العربية بـ «قصبة قطر»، فكانت قلعة الوكرة مقر إقامة ممثل الحاكم.

وقد ذكر محمد بن خليفة النبهاني أن الشيخ أحمد بن محمد آل خليفة كان يتحصن في قلعة الوكرة. بينما في الساحل الشمالي الغربي شيدت قلعة الركيات من قبل آل خليفة، ووثق راوي الأسرة الحاكمة القطرية الشيخ جاسم بن ثاني بن جاسم آل ثاني - رحمه الله - معلومات مهمة عن قلعة الركيات.

حيث قال:«ومما روى لي سعيد الدرعي الكعبي عن رواته يقول إن محمد بن أحمد آل خليفة راعي الركيات كان جالس في ظلال قصر الركيات الضحى، والذين يقنصون له الظباء من أبناء الكبسة والكعبان، وكانت الظباء معلقة في حائط قصر الركيات، وخلفات الإبل بروك، وميوة البحرين من الفواكه قادمة في خشب من البحرين، وتنهت الشيخ محمد بن أحمد آل خليفة في نفسه بصوت مسموع، فقال محمد بن أحمد آل خليفة: أوي حياة ما وراها موت، الظباء معلقة، والخلفات بروك قدامي، وميوة البحرين عندي، وهذا ما سمعته من سعيد بن ربيعة الدرعي الكعبي، وكان معي عندما يحدثنا ربيعة بن عيسى الكواري، وسلطان بن ناصر طوار الكواري، وسالم مبارك بطي الكعبي، وهذا ما سمعته».

ووفق رؤية عسكرية دفاعية، قام الشيخ علي بن خليفة آل خليفة ببناء قلعته في موقع استراتيجي بمنطقة دوحة أم الماء التي تبعد 12 ميلاً جنوبي رأس عشيرج، وتقع شمال دوحة الأسيود، وكانت مقر إقامة الشيخ علي بن خليفة آل خليفة في فصل الشتاءً.

ومع سيادة آل خليفية على كامل شبه جزيرة قطر وجزر البحرين إلا أن الزبارة ظلت دائماً تحت عناية ورعاية حكام الدولة الخليفية عبر السنين. ومن أمثلة ذلك ما ذكره المعتمد البريطاني في البحرين بأن صاحب العظمة الشيخ عيسى بن علي آل خليفة أرسل مجموعة من أتباعه لترميم قلعة صبحا في 4 أغسطس عام 1873م.

وهكذا ظلت الزبارة رغم اتساع الدولة الخليفية، مركزاً للسيادة، ورمزاً للوحدة الأزلية بين شبه جزيرة قطر وجزر البحرين، كما بين فيلم الوطن الوثائقي عن «نهضة آل خليفة العمرانية في شبه جزيرة قطر».