أكد صاحب السمو الملكي الأمير سلمان بن حمد آل خليفة ولي العهد رئيس مجلس الوزراء أن التغير المناخي يمثل تحدياً عالمياً يتطلب من الجميع تسخير كافة الإمكانيات وتبادل أفضل الممارسات للتغلب عليه عبر وضع الحلول المتقدمة للوصول إلى الأمن المناخي الذي تتطلع إليه دول العالم، منوهاً بأن الجميع يتقاسم مسؤولية الحفاظ على البيئة، ومن أجل ذلك ينبغي البناء على ما تحقق ومضاعفة الجهود خلال المراحل المقبلة.

وأشار سموه إلى أن مملكة البحرين داعمة لكل ما من شأنه تحقيق الأهداف المناخية التي تسهم في حماية كوكب الأرض وضمان مستقبل أكثر أماناً وجودة للأجيال القادمة، لافتاً إلى أن الجميع يتقاسم مسؤولية الوصول إلى الأمن المناخي، ومن أجل ذلك ينبغي البناء على ما تحقق ومضاعفة الجهود خلال المراحل المقبلة.

وألقى سموه حفظه خلال مشاركته اليوم في المؤتمر السادس والعشرين للأطراف في اتفاقية الأمم الإطارية بشأن تغير المناخ (COP26) المنعقد في مدينة غلاسكو بالمملكة المتحدة، كلمة جاء فيها:



أصحاب السمو والمعالي والسعادة، السيدات والسادة..

لعقود طويلة، استمر التطور التكنولوجي والاقتصادي بالتقدم بخطى ثابتة حتى ظهور الثورة الصناعية التي أطلقت عصرًا جديدًا من التغييرات على عدة أصعدة لم يسبق لها مثيل في التاريخ.

ففي القرن التاسع عشر، كان غالبية سكان العالم يعيشون حالة من الفقر، ولكن في وقتنا الحاضر تقدر النسبة على مستوى العالم بأقل من 10% ، وقبل مائتي عام من الآن كان نصف المواليد في العالم لا تتجاوز حياتهم سن الخامسة؛ واليوم تقدر النسبة العالمية بأقل من 4%. ومنذ ذلك الحين لقد أدى تقدمنا، إلى ظهور نظام عالمي قائم على الاقتصاد المتبادل، والذي أسهم بدوره في تحقيق الاستقرار والنماء في عدة مناطق حول العالم.

لكن، وبكل أسف، وعلى الرغم من عِظَم هذه الإنجازات، إلا أنها جاءت بثمنٍ باهض على كوكبنا، وواجبنا الجماعي يحتم علينا التأكد من أن لا يكون ثمن هذه الإنجازات موارد وبيئة كوكبنا الذي نعيش فيه معاً. ويجب علينا أن نستثمر إمكاناتنا الإنتاجية بنفس الدافع الذي انبثق من خلاله فجر العصر الصناعي، وحشد قوى الابتكار والعقول البشرية للدفع اتجاه عالم أكثر اخضراراً وازدهاراً.

إن خفض الانبعاثات من خلال الاستثمار في الطاقة المتجددة يعد سمةً أساسية لهذا النهج بكل تأكيد. ولكن، حتى مع زيادة إقبال العالم على الطاقة المتجددة، إلا أن الكربون سيظل عنصراً أساسياً في مزيج الطاقة العالمي لسنوات عديدة قادمة. وعلى هذا النحو، سيُستوجب إزالة مليارات الأطنان من الكربون وعزلها كل عام إذا أردنا الوصول للحياد الصفري والحد من ارتفاع الحرارة إلى (1.5) درجة مئوية.

على الرغم من أن نسبة الانبعاثات في مملكة البحرين لا تتجاوز 0.07% من إجمالي الانبعاثات العالمية، إلا أننا ندرك، خصوصاً لكوننا دولة جزرية أن تغير المناخ يمثل تحدياً عالمياً يتطلب حلولاً عالمية.

إن تطوير التقنيات اللازمة لمعالجة تحديات المناخ بشكل هادف يحتم علينا أن نعمل معاً بشكل متناغم وأن يكون كل منا مثلاً يحتذي به الآخر.

يسعدني أن أعلن اليوم التزام مملكة البحرين بالوصول إلى الحياد الصفري بحلول عام 2060، كما تبنت المملكة مجموعة من الأهداف قصيرة المدى لكي نباشر تحقيق الأهداف دون تأخير، فبحلول عام 2035، سنقوم بتخفيض الانبعاثات بنسبة 30% من خلال مبادرات إزالة الكربون ومبادرات لتعزيز كفاءة استخدام الطاقة ومضاعفة مصادر الطاقة المتجددة حسب الأهداف الموضوعة في هذا المؤتمر، كما تشمل أهدافنا لعام 2035 أيضاً حلولاً لإزالة الكربون من خلال زيادة أشجار نبات القرم بأربعة أضعاف، ومضاعفة عدد الأشجار بشكل عام في البحرين، والاستثمار المباشر في تقنيات احتجاز الكربون، والذي نعتبره من الأساسيات لتحقيق الأهداف.

إن المنتديات مثل مؤتمر (كوب 26) ومبادرات الشرق الأوسط الخضراء التي اختتمت مؤخراً، تعد تذكيرًا مهماً يجعلنا جميعاً نلتفت لمصالحنا المشتركة ومستقبلنا الواحد. ويجب علينا الاستفادة من هذه الفرص للوفاء بالوعود التي قطعناها على أنفسنا، ووضع الحلول المتنوعة التي من الأهمية بمكان يجب التأكد بأنها متاحة وفي متناول الجميع.

يعتمد اقتصاد الحياد الصفري المستقبلي القادر على دفع البشرية إلى آفاق جديدة بشكل كلي على قدرة جميع الناس على المشاركة فيه كمنتجين وكمستهلكين، لذلك يجب أن نتأكد من أن جهودنا للحد من الانبعاثات يجب أن تسير بشكل متوافق مع ما نقوم به من عمل لأجل تحسين سبل المعيشة.

شكرا لكم.

هذا وينعقد المؤتمر السادس والعشرين للأطراف في اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغير المناخ (COP26) بمشاركة رؤساء وممثلي الدول والمنظمات الإقليمية والدولية والمدنية والمدعوين والمهتمين بالشأن البيئي والتغير المناخي، ويناقش أبرز التحديات البيئية وسبل توحيد الجهود الدولية لضمان الأمن البيئي.