الأحداث التي تشهدها إيران هذه الأيام أصبحت مؤرقة للنظام الإيراني، حيث انعدلت حركات احتجاج شعبية شملت معظم الأقاليم والمدن الإيرانية، وهذه الاحتجاجات آخذة في التوسع والتمدد، لشعب رفض الغلاء المعيشي والفساد المستشري في النظام الإيراني.

ومما يبدو، فإن النظام لم يستطع إلى الآن السيطرة على احتجاجات الشعب المستمرة منذ أسابيع، والتي شملت أكثر من 40 مدينة، وهو ما حتم على النظام قطع كل وسائل التواصل الاجتماعي، بغية عدم وصول صوت الشعب الإيراني إلى العالم، وتحديداً الدول الغربية،التي ليست بغافلة عنها ولكنها متغافلة.

ولو تطرقنا إلى أسباب تلك الاحتجاجات، فإننا لن نحتاج لوقت كثير للوصول إلى نتيجة بأن النظام هو المتسبب فيها، فهو من جر الشعب إليها من خلال إقدامه على رفع أسعار مواد غذائية أساسية بنسبة 300% -كما أشارت قناة CNN الأمريكية- وهو ما لم يتقبله الشعب، وعبر عنه بالرفض والثورة والاحتجاج، فليس من المعقول أن يبقى الشعب صامتاً وهو يرى كل تلك النسبة تقفز أمامه دون أن يرد فعل هذا النظام.

هذه الاحتجاجات تضاف إلى سلسلة طويلة من الثورات التي نفذها الشعب ضد النظام الذي أصدر قرارات تثير سخط الشعب الساخط أصلاً على أوضاعه المعيشية، وكأن النظام يتعمد بين فترة وأخرى استفزاز الشعب الذي يعيش في فقر مدقع، وبطالة متفشية لم يصل إليها يوماً إلا بعد أن حكم هذا النظام للجمهورية الإيرانية.

لذلك، ومن الطبيعي أن يرفض الشعب قرارات النظام ويثور عليها، فلا يعقل مع كل أوضاعه السيئة أن يقوم النظام برفع الأسعار ليزداد الشعب الفقير فقراً وبؤساً، فاتجه إلى أبسط حقوقه وهو التعبير عن اعتراضه وسخطه، الذي واجهه النظام بكل عنف، كعادته في التعامل مع كل ثورة يقوم بها الشعب ضده، فليس لهذا النظام معرفة بالديمقراطية وحرية التعبير السلمي أو السعي لحل المشاكل بالحوار المتحضر، وإنما باستخدامه كل ما هو عنيف لإخماد ثورة الشعب والقضاء عليها.

لعل ما يقوم به النظام حالياً من إساءات متكررة للشعب الإيراني هو ما دفع هذا الشعب المغلوب على أمره إلى إعلان انتفاضته مجدداً، فصراعه مع هذا النظام يبدأ عادةً من أمور اجتماعية أو اقتصادية ليتحول شيئاً فشيئاً إلى ثورة سياسية تطالب بإسقاط النظام، وهذه ليست المرة الأولى، فكل ثورات الشعب ضد النظام تبدأ بنفس هذا السياق، وقد تنتهي بما يريده النظام، ولكنها تترك أثراً فيه، بحيث يصبح مع إمكانية تكرارها أن تنجح يوماً ما.