أوجزت رؤية مملكة البحرين الاقتصاديّة «2030» دوافع الإصلاح والتّطوير، وطموحاتنا المحدّدة لاقتصادنا وحكومتنا ومجتمعنا، وفقاً للمبادئ الأساسيّة المتمثّلة في «الاستدامة والتّنافسية والعدالة».

مفهوم «البطالة» يصف حال العاطلين عن عمل، وهم قادرون عليه ويبحثون عنه، إلّا أنّهم لا يجدونه لأسباب مختلفة خارجة عن سيطرتهم، على الرّغم من امتلاكهم للشّروط الّتي تؤهّلهم على القيام به، وتمّ تهذيب المسمّى من عاطلين عن العمل إلى «باحثين عن العمل». وتُحتسب نسبة معدّل البطالة على أنّها نسبة الأشخاص العاطلين عن العمل إلى مجموع القوى العاملة.

كما أثبتت الدّراسات والبحوث وجود علاقة إيجابيّة طرديّة بين البطالة والفقر، فالبطالة تورِّث الفقر، ومن أهمّ أثارها أنّها تؤدّي إلى تعرّض الكثير من شبابنا وشابّاتنا إلى العديد من السّلوكيّات الأخلاقيّة والنّفسيّة غير السّويّة، تزداد وترتفع معها نسبة الجريمة والانحراف، وتؤثّر على استقرار واستتباب الأمن على المدى البعيد.

وهناك أنواع من البطالة، فمنها على سبيل المثال وليس الحصر: البطالة الدّوريّة، والبطالة الاحتكاكيّة، والبطالة الهيكليّة، والبطالة الإجباريّة وغيرها.

تعدّدت أسباب ظاهرة البطالة، وأهمّها من وجهة نظرنا المتواضعة هو غياب التّخطيط الاستراتيجيّ للقضاء على مشكلة البطالة، وافتقاد عناصرها الرّئيسيّة المتمثّلة في جمع المعلومات والبيانات الدّقيقة بشفافيّة كاملة، وتحليل المعلومات ووضع وتطبيق الخطط الاستراتيجيّة وتقييمها من فترة إلى أخرى، وتطبيق رقابة صارمة على النّتائج. ومن الأسباب أيضاً، الهوّة الشّاسعة بين مخرجات التّعليم والتّدريب المهنيّ الفنيّ، ومتطلبات سوق العمل المتجدّد، وعدم الثّقة بالعمالة الوطنيّة، واصطدام الباحثين عن عمل بحاجز فقدان الخبرة العمليّة أو التّلمذة المهنيّة وإجادة اللّغة الإنجليزيّة، وتشبّع سوق العمل من تخصّصات جامعيّة محدّدة، وسيطرة الأجانب على التّوظيف بالقطاع الخاصّ، وغياب نسب التّوطين كنسبة وتناسب في القطاع الخاصّ، بالإضافة إلى النّموّ السّكانيّ المتزايد مقارنة بخطط التّنمية المستدامة، وغيرها.

وانطلاقاً من التّوجيهات السّامية لجلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة ملك البلاد المعظّم حفظه الله ورعاه، وبمتابعة وتنفيذ صاحب السّموّ الملكيّ الأمير سلمان بن حمد آل خليفة ولي العهد رئيس مجلس الوزراء حفظه الله تمّ تنفيذ مشاريع ومبادرات وطنيّة لتمكين الشّباب في مملكتنا الغالية، نذكر منها على سبيل المثال وليس الحصر المشاريع والمبادرات التالية:

- جائزة الملك حمد لتمكين الشّباب لتحقيق أهداف التّنمية المستدامة.

- برنامج سموّ ولي العهد للمنح الدّراسيّة.

- برنامج سمّوّ رئيس الوزراء لتنمية الكوادر الوطنيّة.

- جائزة سمو الشّيخ ناصر بن حمد للإبداع الشّبابيّ.

- صندوق الأمل لدعم المشاركة الشّبابيّة.

- مؤسّسة «إنجاز البحرين».

- مؤسّسة المبرّة الخليفيّة.

- قانون التّأمين ضدّ التّعطل.

خطّة واضحة ومحدّدة للتّعافي الاقتصاديّ تمّ الإعلان عنها مؤخّرًا مبنيّة على 5 أولويّات، وهي: خلق فرص عمل واعدة، وتوظيف 20 ألف بحرينيّ، وتّدريب 10 آلاف سنويّاً حتّى عام 2024. وبرلمان الشباب، وخدمة سواعد وتمكين وفرص تدريب الشّباب. وبرنامج دعم الرّاتب للبحرينيّ لمدّة ثلاث سنوات. وحاضنات الأعمال – تمكين ودعم المشاريع «مشروعي»، ودعم الأسر المنتجة من خلال برنامج خطوة المتكامل. تقليص الفجوة في كلفة العمّال عبر برامج دعم الأجور ورفع الأجور وزيادة مستوى الحوافز لأصحاب العمل بدعم أجور البحرينيّين بنسبة تصل إلى 70% للسّنة الأولى، و50% للسّنة الثّانية و30% للسّنة الثّالثة، وتدريب الباحثين عن عمل.

ومن الحلول العمليّة لظاهرة البطالة:

- وضع خطّة استراتيجيّة ذات منهجيّة وأهداف واضحة وبرامج زمنيّة خاضعة لمعايير ومؤشّرات كمّيّة محدّدة قابلة لقياس الأداء.

- رَبط مخرجات التّعليم والتّدريب المهنيّ التّقنيّ بمتطلّبات سوق العمل المتجدّد، وإنشاء لجنة من الجهات المعنيّة، وإشراك القطاعات المؤثّرة في اتّخاذ القرار.

- إلزام وتطبيق التّلمذة المهنيّة قبل التّخرّج.

- تطوير حوافز جديدة للشّركات والمؤسّسات بالقطاع الخاصّ لاستقطاب توظيف البحرينيّين تفوق دعم الرّاتب الحاليّ وفرص التّطوير والتّدريب.

- جلب استثمارات لإنشاء قاعدة مصانع إنتاجيّة جديدة في مجال تقنيّة المعلومات والذّكاء الاصطناعيّ.

- تحديث ضوابط جديدة لسياسة التّوظيف في القطاع الخاصّ، وتطبيق صارم للتّناسب بين توظيف المواطنين مع الأجانب، وتفعيل سياسة التّوطين.

- تحديث دعم المشاريع الصّغيرة الخاصّة بالشّباب، ودعمهم بشكل أكبر لتأسيس مشاريعهم، وتوفير حاضنات لأعمالهم بشكلٍ مميّز.

- تشريع ورقابة المجلس النّيابيّ لتطبيق الخطّة الاستراتيجيّة لظاهرة البطالة والتّعطيل.

* باحث أكاديميّ