«استغربنا كيف لم نشاهد ازدحامات في الشارع، إنما حين دخلنا فوجئنا بالحشود الضخمة تحيي قداسة البابا، القداس الذي أقيم في البحرين من أفضل ما شهدناه في دول العالم». هذا الكلام لم نقله نحن بل هذا ما قاله الوفد المرافق للبابا فرنسيس الذين حضروا قداسات بالمئات وفي دول عدة، وشهدوا بأنفسهم بأن التنظيم البحريني كان من أفضل التنظيمات، ليكمل هذا النجاح نجاح الحدث الأكبر المتمثل بتنظيم الزيارة على مدار الأيام الأربعة تلبيةً لدعوة جلالة الملك المعظم حفظه الله، والذي قُصد به أن ترى هذه الشخصية ذات الأهمية من هي البحرين فعلاً، حكماً وشعباً، وتَلمسها لمس اليد وتراها بالعين المجرّدة وتستمع لمن يعيش على أرضها، دون الوقوف أو الاستماع لإعلام مُغرض أو منظّمات مشبوهة أرادت أن تُضلّل الحقيقة وتُغطّيها، بل إنها استماتت لمنع الحدث لكنها فشلت فشلاً ذريعاً، فقد عرف البابا بنفسه من هي البحرين كتاريخ متواصل من التعايش والسلام قديم قدم الأزل.

شكراً لمن دعا فذلك مشروع لجلالة الملك حفظه الله أراد به أن يَعرف العالم حقيقة البحرين، وقد نجح المشروع في تحقيق أهدافه، ونقل البابا للعالم أجمع رؤيته الخاصة وانطباعاته الخاصّة كشاهد عيان لتكون أقواله رداً على كل المتخرّصين.

والشكر موصول لكل الجنود التي عملت على رفع اسم البحرين من الجنود المجهولة، وأخصّ بالذكر هنا رجال أمننا، إذ دعك من العديد من الشواهد والأدلة على قدرتهم على حفظ الأمن والنظام طوال الأيام الأربعة فترة زيارة أهم رمز ديني عالمي، فنحن نعرف أن الاستعداد لهذه الزيارة والتحضير لها أمنياً سبقها بشهور، إنما قف فقط عند تنظيم دخول وجلوس وخروج 30 ألف شخص في وقت واحد مع الاحتفاظ بجميع الاحترازات الأمنية المطلوبة لحضور شخصية بهذه الأهمية العالمية، ونقصد بها فعالية القداس في الإستاد الوطني، تلك هي الحكاية.

ضع هذه المعلومات بعين الاعتبار كي تعرف حجم الجهد:

عدد الحضور 30 ألف شخص.

جنسياتهم 111 جنسية.

آلية تسجيل الحضور تمّت إلكترونياً وتمّ قبول الشخص بعد التدقيق والتفتيش الأمني.

تم استقبالهم في حلبة البحرين أولاً الساعة الثانية فجراً، ومن ثم نقلهم أو تفويجهم عبر الحافلات التي بلغ عددها 400 حافلة إلى إستاد البحرين الوطني.

ما إن أصبحت السادسة صباحاً إلا والكل على مقعده جالساً يعرف الجهاز الأمني كل فرد فيهم أين جلس، فلم يكن جلوساً اعتباطياً، إنما كان لابد أن يعرف الجهاز الأمني من جلس أين فاستغرق الأمر أربع ساعات.

دخلوا منظّمين مقسّمين بصفوف تعرف الأجهزة الأمنية أين جلس كل من حضر برقمه الشخصي، دخلوا فوجدوا المقاعد جاهزةً وعلى كل مقعد قبّعة واقية للشمس وكتاب صلاة وعلم الفاتيكان وزجاجة ماء وقطعة «سناك»، تمّ استهلاك أكثر من 45 ألف زجاجة ماء، وحين انتهت الصلاة استغرق تفويج الحضور والعودة بهم للحلبة قرابة الساعة والنصف.

الاستعداد لهذا الحدث والتدريب عليه استغرق ثلاثة أسابيع، أشرفت فيه وزارة الداخلية على عمل ثلاثة آلاف شخص هم رجال الأمن ومتطوعون لتنظيم هذا الحدث.

خطط الطوارئ استدعت تجهيز 10 عيادات طبية ثابتة ومتنقلة، بلغ عدد الطاقم الطبي 100 فرد، وتم تدريب 11 سيارة إسعاف، و30 مسعفاً للتعامل مع أي حدث.

تم التدريب على الإخلاء المُنظّم وعمل بروفات قبل الفعالية ووضع 8 آليات للدفاع المدني تحسّباً لأي طارئ.

إضافة إلى كل هذه الحُشود كان هناك أكثر من 360 إعلامياً يمثلون 80 دولة.

حصلت خمس حالات إغماء تمّت معالجتها خلال دقائق ولم يشعر أحد بما حدث، بل علمتُ أنه حتى للولادات الطارئة -إن حصلت- تم أخذ الاحتياطات الطبية!

لذا، حين وصل الوفد قرب الإستاد الوطني بدا قلقاً بأن عدد الحضور قليل، فلا سيارات، ولا تدافع، ولا فوضى في الخارج كما اعتادوا، إنما حين دخلوا فوجئوا بوجود تلك الحشود الضخمة جالسة ومرتاحة في مكانها بانتظار بدء الحدث.

هؤلاء هم جنودك يا جلالة الملك رهن إشارتك، مثلما هي البحرين تعينك على رفع رايتنا وتتشرف بخدمة اسم هذا البلد.

شكراً لكل الجنود المجهولة، شكراً للثلاثة آلاف رجل أمن و100 من الكادر الطبي و360 إعلامياً، وشكراً لمن أدار هذه «الكتيبة» وجعل عملهم متناسقاً كسيمفونية راقية، شكراً لوزير الداخلية الفريق أول معالي الشيخ راشد بن عبدالله آل خليفة، زرعت فحصدت، وشكراً لكل التسهيلات التي قدمها مكتب سمو ولي العهد الذي سخّر كل الإمكانيات لنجاح هذه الفعالية.

تنظيم ذلك الحدث الكبير والضخم بهذه الطريقة السلسة فعلاً قصّة مشرّفة للبحرين بشهادة من حضر لا بشهادتنا.