يعتبر برنامج الحكومة الخطوة الأهم أمام مجلس النواب في المرحلة الراهنة، ولأهمية برنامج الحكومة وأثره على عمل المجلس في الأربع سنوات المقبلة حاول النواب أن يجعلوا من البرنامج أول الخطوات لترميم العلاقة بين مجلس النواب والمجتمع عبر إشراك الجمهور في التعامل مع برنامج الحكومة.

ورغم أننا ندرك الحماس والطموح الذي يحمله بعض النواب ويشكرون عليه في محاولة معالجة هموم المواطن وبث ما يعانيه الناس من تحديات اقتصادية ومعيشية في صورة مرئيات تطرح تحت قبة البرلمان إلا أن برنامج الحكومة له آلية دستورية وقانونية لمناقشته وإقراره، وعلى النواب أن يعملوا وفق هذه الآلية فالبرنامج هو خطوط عريضة تشمل الأولويات والأهداف، والغاية الرئيسة من البرنامج هي مباركة السلطة التشريعية لخطة برنامج الحكومة لتبدأ السلطة التنفيذية العمل وفق الأولويات والأهداف المعتمدة.

أما ما يقوم به بعض النواب عبر سرد قائمة طويلة من المرئيات التفصيلية وطلب إدراجها في برنامج الحكومة فهذا عمل بعيد عن الأسلوب الأمثل في التعامل مع البرنامج الحكومي. وعلى فرض أن هذه المرئيات التفصيلية ضمنت في البرنامج فإن البرنامج سيطول وستطول معه مدة لمناقشته وسنتجاوز المهلة القانونية المحددة بثلاثين يوماً لإنجاز البرنامج وسندخل في متاهات محصلتها تعطل عمل السلطة التنفيذية.

فهل يعني هذا أن نتجاهل المطالب الشعبية لأجل عيون برنامج الحكومة، مطلقاً فإن لـ«كل مقام مقال» وينبغي أن يتمسك النواب بهذه المطالب ويجعلونها في سلم الأولويات عند مناقشة الميزانية العامة للدولة التي ستصل النواب خلال الشهرين المقبلين.

التعامل مع البرنامج من خلال النائب الذي تحمل الأمانة ومثل صوت المواطن ومنح هذه الثقة وعلى النائب الذي يقف في هذا الموقف أن يتعامل مع الأمور وفق مقتضياتها. فهل يعقل لأننا كلنا نكوى بنار ارتفاع الأسعار أن نضع محوراً أو نضيف نصاً في البرنامج لمعالجة جنون الأسعار الذي نعيشه، أم على النائب أن يفعل أدواته الدستورية ويبدأ في طرح السؤال وفي طلب مناقشة عامة لاستيضاح سياسة الحكومة في التعامل مع ارتفاع الأسعار وبعد ذلك يتقدم بمشروع قانون لتعديل ما يحتاج إلى تعديل لمحاربة ارتفاع الأسعار. وعلى كل فكلنا ثقة أن الجميع إنما يعمل لتحقيق مصلحة الوطن والمواطن.