أسئلة كثيرة فتحت ملفاتها وجميعها موجّه للحكومة سواء بعد التقرير المالي أو بعد تصريحات جاءت متباينة مع أرقام رسمية، وكلّها يحتاج لمكاشفة ووضوح في الإجابة.

إنما فرقٌ بين أن توجِّه سؤالاً وأنت تحاول المساعدة والتعاون من أجل إيجاد مخرج يخدم الجميع، وبين أن توجِّه سؤالاً وأنت لا تريد سوى أن تُسجِّل نقاطاً فقط وتُحرج الآخر أو تتشمّت به أو تقطع الأمل حتى من الذين ينتظرون الإجابة.

الأسئلة التي تُطرح على الحكومة هي من هذين المصدرين، أحدهما لا يريد إلا إصلاحاً ولا يريد سوى أن نتعاون سوياً على السير قدماً ويريد أن يفتح طاقة أمل للناس التي تحتار في تلك الأسئلة، وآخر يريد أن يُغلق تلك الأبواب ويجعل الدنيا سواداً وأن يُثبت وجهة نظره قسراً بأنه لا حلّ ونحن في أزمة والأيام القادمة ستكون صعبة و.. و.. و.. و.

أمس سألنا إن كانت المنظومة الصحية مستعدةً لتطبيق النظام الصحي الجديد بوجود هذا الكمّ من المخالفات الواردة في تقرير ديوان الرقابة المالية والإدارية؟ واليوم نوجّه سؤالاً آخر للسادة الوزراء بخصوص الدَّيْن العام الذي بلغ 17 ملياراً وما هي الخطة التي وضعتها الدولة لسداده ودفع فوائده وفي ذات الوقت تحقيق التوازن المالي؟ إذ يبدو الأمر وكأننا بحاجة إلى معجزة، فالفوائد وحدها دون الدَّيْن تبلغ 700 مليون دينار سنوياً، إنها تستنزف دخلنا بهذا الشكل إن استمرت، والمهم السيطرة على العجز حتى لا نضطر إلى الاستدانة من جديد وزيادة الفوائد. وما قامت به الحكومة إلى الآن بالفعل يُعدّ معجزةً لتقليص العجز في ظلّ هذه المعطيات، وهذا أمر يستحق الإشادة، لكننا قلقون بشأن الآتي من الأيام.

فلا نعتقد أن مزيداً من الضغط على المصروفات سيكون مُجدياً، إذ ما وصلنا إليه بسبب ترشيد الإنفاق بدأ يؤثر على مستوى الخدمات المقدَّمة ونوعيتها وخاصّة الصحة والتعليم. الطريقة التي تبدو الوحيدة أمامنا هي زيادة الإيرادات، وهنا من جديد علينا الابتعاد عن جيب المواطن إذ يكفيه ما فيه، فلا سبيل أمامنا غير فرضها على الشركات أو على الدَّخل وذلك سيتطلّب الإفصاح عنه، وهذه قصة أُخرى!!

وفي ذات الوقت، أي زيادة في المصروفات ستجعلنا نضطر إلى الاستدانة من جديد ونغرق في الدوّامة أكثر، فلا بد من أن نكون حذرين في طرحنا بلا مزايدات، نحن نعمل من أجل الحاضر والمستقبل أيضاً.

جميع تلك الأسئلة مشروعة وما طَرْحُها إلا لأنها متداولة ولأننا نبحث عن الاطمئنان، فتجاهلها لا ينفع وطَرْحُها هو من باب التعاون والاستماع للحلول، ولمساعدة الناس على فهم الأوضاع والتفهّم لأي قرار سيصدر. ما يهمُّنا بين هذين الطَرْحَين أن نكون واقعيين حين الإجابة وصادقين وأرقامنا حقيقية ومتطابقة بلا تباين وصورة المستقبل واضحة أمامنا، فجميعنا في مركب واحد ولا أحدَ خصماً لآخر، فلا تعتبر الأسئلة وكأنها فعلٌ مضاد أو تحدٍّ أو إحراج. تلك الإجابات وإن كانت حقاً للمواطنين إلا أنها تصبّ في مصلحة الجميع بما فيها الحكومة المُلزَمة بإجابتها.

فجميع تلك الأسئلة تتعلّق بالمستوى المعيشي للمواطن وبمستقبله. نتمنى أن تكون الإجابات شافية تدلّ على أننا نعرف إلى أين نسير؟