ليس من متابع لأمور السياسة ولا حتى المستجد في بحرها إلا ويفهم من قول خامنئي «ينبغي أن نسعى لنكون أقوياء ونجعل العدو يائساً. لقد صارت تلألؤات الثورة الإسلامية وفيوضاتها تبرز أكثر خارج حدود البلاد يوماً بعد يوم» إن النظام الإيراني لا يزال مصراً على شعار «تصدير الثورة» الذي رفعه فور سيطرته على الحكم في إيران قبل أربعين عاماً ونيف وجعل دول المنطقة كلها تنفر منه وتحذره، وأن هذا يعني أن كل الذي يقوله عن أنه يرغب في ويسعى إلى إقامة علاقات طبيعية مع دول المنطقة يدخل في باب الخديعة. فمن يسعى إلى العلاقات الطبيعية لا يعمل على تصدير الثورة إلى الخارج ولا يسمح ب»فيوضاتها» تبرز أكثر خارج حدوده.. يوماً بعد يوم.

ما قاله خامنئي اعتراف صريح بأن النظام الإيراني لا يكتفي بالتدخل في شؤون دول المنطقة وإنما يسعى إلى الهيمنة عليها أملاً في استعادة الإمبراطورية الفارسية، وهو أيضاً اعتراف بأن كل ما قيل ويقال عن خبث نواياه صحيح، ويعين كذلك على الاستنتاج بأن هذا النظام يعتبر كل دول المنطقة من دون استثناء عدواً يتطلب منه أن يكون قوياً ليجعله يائساً.

أما النتيجة الطبيعية لهكذا تصريحات ومواقف فهي تعطل الحوار مع المملكة العربية السعودية وتعطل التعاون مع كل دولة خليجية قدرت في لحظة أنها ربما قد ظلمت النظام الإيراني أو فهمته خطأ، وتردد لبنان في قبول «الفيول» الإيراني الذي يبذل «حزب الله» الكثير من الجهد في إقناع الحكومة بقبوله «من باب التخفيف على الناس في لبنان بتوفير ساعات كهرباء إضافية تسهل معيشتهم».

منطقاً لا يمكن لدول المنطقة الثقة في نظام لا يتردد رأسه عن التصريح بمثل هذا الكلام الذي لا يقبل غير تفسير واحد هو أنه سعى ولا يزال يسعى لفرض فكره وهيمنته على الآخرين ويوفر مثالاً عملياً على ذلك بتعامله الوحشي مع الإيرانيين الذين قرروا أن يعبروا عن معاناتهم ولا يتردد في إعدامهم.