يظن النظام الإيراني أن ما حققه من خطوات في اتجاه هدفه التوسعي يعني أنه قد نجح، مما جعله يتعنّت في أي محاولة للتفاوض معه لثنيه عن مشروعه، ولكنه يتلقى الآن صفعات الواحدة تلو الأخرى، تحاول أن تعيد له وعيه ليكون واقعياً.

3 طائرات مسيّرة تضرب مواقع عسكرية إيرانية في أصفهان أي عمق الأراضي الإيرانية، يقال إن الضربة جاءت بتعاون إسرائيلي أوكراني رداً على المسيّرات الإيرانية التي قصفت كييف.

سماع دويّ انفجارات ورؤية لهيب النار واقع تعايشه إيران رغم محاولاتها التقليل من أثر هذا الحدث الذي أوضح لإيران أنها في مرمى النيران كما هو غيرها، حدث نقل لها بعضاً من المشاهد التي كانت تجري على غير أرضها فشاهدته اليوم.

هذا الحدث يضاف إلى ما يجري في الداخل الإيراني الذي يغلي في كل اتجاه، عقوبات اقتصادية، اضطرابات محلية، عملة منهارة، شبه عزلة دولية، اقتصاد ضعيف، رئيس طاعن في السن ومريض، خلافات داخل النظام، سجون تكتظ بالمعارضين، وأخيراً وصلت الطائرات المسيّرة للعمق الإيراني، هذا هو حال النظام الآن ومن المتوقع أن يطول هذا الحال وتبقى هذه العوامل مستمرة إلى حين.

وهناك سؤال قابل للطرح، ماذا لو بقي النظام الإيراني في هذه الأوضاع التي يعيشها الآن لسنوات قادمة دون أن يتدخل أحد من الخارج لإسقاطه؟ فلا حرب ولا سلم، أليس ذلك وضعاً قادراً على إفاقة هذا النظام؟ إذ إن هناك من يقول إن وضع النظام الإيراني الآن مثالي جداً بالنسبة لنا أي لدول المنطقة، ويقول إن استمرار هذا الوضع أفضل من إسقاط النظام والمجازفة بمخاطر غير محسوبة كالفوضى أو وصول من هو أكثر تشدداً، «اشغله في نفسه» فلا يجد الوقت للانشغال بالآخرين.

لذلك سارعت إيران لكسر عزلتها وطالبت بالعودة لطاولة المفاوضات بعد أن كانت قد رفضتها مع الجميع استكباراً وظناً أنها ستظل في موقع قوة.

فصرح عبداللهيان وزير الخارجية الإيرانية (المطرود من البحرين) خلال مؤتمر صحفي مع وزير الخارجية القطري إلى إظهار الصورة وكأن العروض تنهال عليهم للعودة للمفاوضات وليس العكس فقال: تلقينا اليوم رسائل من الأطراف الأخرى في الاتفاق النووي عبر وزير الخارجية القطري ومن المقرر أن تستمر المحادثات بين إيران والسعودية على النحو المتفق عليه، بل إنه أضاف أن إيران والبحرين تتبادلان رسائل عبر وسيط!!

وسواء جاءته العروض أو هو من قدمها المهم أن وضع إيران في ظل جميع تلك العناصر السابق ذكرها لن يكون في صالحها في ظل أي تفاوض مع أي طرف.

فدولة لديها مشروع توسعي احتلالي كإيران لا يعطل مشروعها إلا انشغالها بنفسها، إذ حتى لو كابرت -كما هو متوقع- من الشخصية الإيرانية، فالواقع سيفرض نفسه عاجلاً أم آجلاً.

لذا فنميل ناحية هذا القول الذي ينحو نحو بقاء نظام منشغل في نفسه أفضل من سقوطه، وترك فراغ لا نعلم كيف سيملأ.

نظام عليه ضغوط سيُجبر كلما استمرت هذه الضغوط إلى العودة مجبراً للواقعية والكف عن أحلامه.

بالرغم من أن هذه الواقعية لو اكتفى بها بإمكانها أن تعود على الشعب الإيراني بالأمن وبالخيرات، تخيلوا واقعاً تتضامن فيه ضفتا الخليج وتعملان سوياً وتتفق فيه مصالحهما.

لذلك على كل الأطراف المتضررة من عنجهية هذا النظام وأحلامه أن تشغله في نفسه!!