محاولات الاستفزاز المتعمدة والمستمرة لمشاعر المسلمين التي تمارس في الغرب تحت غطاء حرية التعبير، يقف الحليم أمامها حائراً، فماذا يريد هؤلاء من حرق كتاب المسلمين المقدس؟

وتقف حائراً أمام محاولة وزير خارجية السويد توبياس بيلستروم التبرير لجرم حرق المصحف الشريف في ستوكهولم بأنه «حرية التعبير» وأن حكومة بلاده «لا تؤيد ولا تشجع على حرق الكتب المقدسة بأي شكل»، ورغم ذلك الكلام الذي يبدو في ظاهره لا يؤيد حرق المصحف فإن عملية حرق المصحف تمت وسط حماية مشددة من الشرطة التي منعت اقتراب أحد منه في أثناء ارتكابه العمل الاستفزازي.

وإذا كان حرق القرآن الكريم حرية تعبير كما يقولون وإذا كانت حرية التعبير لا يمكن منعها لأنها مبادئ ومسلمات ينبغي أن تقدس، فلنا أن نسأل لو أن مسلماً قرر حرق الإنجيل وقام بالفعل بحرقه من باب حرية التعبير المزعومة كونه يعتقد أن هذا الكتاب المقدس محرف أو أنه لا يؤمن به كما يرى هو، وبطبيعة الحال فإننا في دولنا الإسلامية لن نستطيع منعه؛ لأننا نؤمن بأن حرية التعبير مقدسة وينبغي عدم المساس بها مهما كانت النتائج أو الآثار المترتبة على هذه التصرفات.

فيا ترى كيف ستتعامل هذه الدول مع هذا التصرف الذي سندينه نحن المسلمين بالطبع بمثل إدانة وزير الخارجية السويدي وبأشد صيغ الإدانة؟ لكننا لن نستطيع أن نمنعه كما فعلت السويد فمنعه فيه مساس بحرية التعبير، وإن أدى ذلك إلى غضب الملايين في العالم من أتباع الديانة المسيحية.

ولنا أن نتصور حجم الغضب الذي سيصب على الإسلام والمسلمين بسبب تصرف لا يقره أحد من المسلمين، وحجم التهم التي ستكال والتنديدات التي ستصدر والشجب والاستنكار، وربما يعقد مجلس الأمن جلسة طارئة لمناقشة التهجم على الكتاب المقدس وتجهز جيوش لمحاربة الإرهاب وتطهير الأرض من الشرذمة المتطرفة. وينسى هؤلاء قدسية حرية التعبير واحترام الرأي والرأي الآخر.

وبمثل هذه الازدواجية في التعامل يصنع التطرف والإرهاب فمن يرفع شعارات ويطبقها حين يريد فقط لا شك أنه سيولد حالة من الحنق والغضب الذي سيجد من التطرف سبيلاً لتحقيق العدالة التي لا يرى سوى أنها حبر على ورق يرفع عند الحاجة.