وسط زحام الأخبار المتواترة عن زلزال تركيا وسوريا، الذي خلف آلاف الضحايا، نقلت وسائل الإعلام أخباراً لضحايا في مكان آخر، غاب عن الواجهة لفترة من الزمن.

اليمن الجريح، حيث يستوطن سرطان الحوثي أخذ يمعن بالقتل في الشعب اليمني، ويستهدف كل من تطال صواريخه أو قنابله، ويهدم آلاف المنازل فوق رؤوس ساكنيها، فقط لأنهم خالفوه بالرأي والتوجه.

إجرام الحوثي المستمر منذ سنوات، وصل ذروته حالياً، مع تفجير أكثر من 900 منزل في مأرب وحدها، بحسب ما ذكر وزير الإعلام اليمني، كما أن هناك يومياً العشرات من ضحايا القنابل والصواريخ العشوائية والتي إما تستهدف مناطق سكنية وتجارية حيوية، أو أنه بالفعل تم تخزينها هناك.

جرائم لا تفي المصطلحات العربية لوصفها من شدة هولها، ومن المتوقع ازدياد وتيرتها خلال الفترة المقبلة، لعدة أسباب داخلية وخارجية.

فعلياً، لا يوجد مبرر لكل هذه الجرائم.. إلا أنها في العلوم العسكرية والسياسية، تعطي مؤشرات واضحة حول ما يعانيه الحوثي من تراجع قوته، وتضييق الخناق عليه، وشعوره بقرب نهايته.

تماماً كما تفعل معظم الحيوانات الضعيفة، والتي تبدأ بهجوم انتحاري عشوائي عند إحساسها بالخطر، غير مبالية بما سيحدث من أضرار، قد تكلفها حياتها شخصياً.

الأمر الآخر الذي يدفع الحوثي للمزيد من هذه الجرائم، هو ما تعانيه الداعم الرئيس له إيران في الداخل، فنحن اعتدنا على أن أي تضييق للخناق على نظام الملالي، يقابله محاولات لتصدير الأزمة إلى الخارج، وإبعاد الضوء عنها ولو بصورة مؤقتة، حتى تستطيع التنكيل بشعبها ووأد الثورة ضد النظام.

ما أستغرب منه، هو صمت الدول الكبرى، ومنظمات حقوق الإنسان الدولية عن هذه الجرائم، والتي تدين وتستنكر كل وخز إبرة يصيب مجرماً تم الحكم عليه ويقضي عقوبته في السجن في إحدى الدول الخليجية، في حين تصمت عن جرائم واضحة بحق البشرية، تقوم بها ميليشيات مسلحة بشكل يومي.

والمهم الآن هو إنقاذ حياة وأرواح البشر الذين لا ذنب لهم سوى أنهم ولدوا في هذه البقعة الجغرافية من العالم، وسط أدوات عسكرية لإيران، التي تسعى لوهم الإمبراطورية والسيطرة، غير مبالية بأي شيء آخر.

كما أنه من المهم الوصول إلى تسويات سياسية شاملة، فالأوضاع لن تحتمل المزيد من التأزيم، والسلام أصبح خيار الشعوب الأول، ولن يرحم التاريخ كل مجرم، حتى وإن نفذ من العقاب في حياته.