المشاكل الكثيرة التي أثرت في العلاقات بين الأفراد والشعوب والدول سببها الإنسان ذاته، ويأتي في مقدمة تلك الأسباب التفرد المتطرف وشيوع الأنا أولاً وأخيراً، ومثل ذلك علامات واضحة في صاحب الأنا، في عيونهم وأيديهم وما يخرج من منطوق أفواههم حتى سكناتهم وحركاتهم الظاهرة تنبئك بما يختلج في داخلهم من تذبذب، وهذه ظاهرة من الغياب الذي يفضي إلى الابتعاد عن المجتمع وعن الإنسانية.

وقد عالج الدين الإسلامي هذه الظواهر السلبية بقولهِ تعالى «يا أيها الناس إنا خلقناكم من ذكر وأنثى وجعلناكم شعوباً وقبائل لتعارفوا إن أكرمكم عند الله أتقاكم»، كن تقياً ولا تكن شقياً، ونمِّ في نفسك الإيجابيات وتخلص من السلبيات، وشارك الناس في أفراحهم وأتراحهم، ألا تحب أن يحبك رب العالمين؟

إن الزلزال الذي حل في سوريا وتركيا هذه الأيام أيقظ في نفوس أصحاب الشيم والجود والكرم والإنسانية الرفيعة، المتجردين من حب الذات الشعور بمصائب سكان تلك الأراضي، لذلك بادروا في التو واللحظة بإرسال المعونات الغذائية والدوائية والأطباء ورجال الدفاع المدني لإنقاذ من هم تحت ركام العمارات والبيوت التي تهدمت على رؤوسهم منهم من وافتهُ المنية، ومنهم من يئن تحت الأنقاض، ويلتمس النجدة، ويأتي في مقدمة المنجدين والملبين لنداء الضمير الإنساني حضرة صاحب الجلالة الملك المعظم، حفظه الله ورعاه، وصاحب السمو الملكي ولي العهد رئيس الوزراء، حفظه الله ورعاه، وأصحاب النفوس الطيبة من تجار مملكة البحرين والجمعيات الخيرية وشعب البحرين الأوفياء، وإن الذي قام به أولئك من أجر عند الله لا يضيع، وعلى مديري الصناديق الخيرية فتح حساب خاص لجمع ما يجود بهِ كل مواطن ومقيم مؤمن بالإنسانية من مال وإرساله إلى المنكوبين، وهذا مظهر من مظاهر التضامن مع الشعوب كافة في ساعة العسرة، ونسيان الذات والأنا في هذه المواقف والظروف الإنسانية، ونشر مبدأ الوحدة والتسامح بيننا، كوننا من أب وأم وأصلنا واحد.