سيارة الأجرة تعد أحد معالم البلد والواجهة الأولى للسياح بعد خروجها من المطار وسائق التاكسي يمثل البلد الذي يعمل به؛ فهو خارطة طريق وكتيب مصغر لثقافة البلد، وهو القاضي والجلاد والمنصت وكاتم الأسرار، وهو كتاب مفتوح للبعض وغامض في آن واحد، أحيانا لا يؤخذ منه حق ولا باطل، والأهم من ذلك ما يعكسه سائق التاكسي للزبون -الراكب- من انطباع عام عن البلد وثقافة المجتمع سواء كان مواطناً أو مقيماً يعمل بوظيفة سائق أجرة. في إحدى المرات ركبت تاكسي في إمارة دبي وكان سائق التاكسي من الجنسية الإثيوبية وأخذنا نتبادل الحديث في مواضيع كثيرة بما أن الطريق كان طويلاً ومزدحماً كالعادة على شارع الشيخ زايد، السائق يعلم بأني لست مواطنة من دولة الإمارات العربية المتحدة ولست مقيمة وإنما سائحة، وقد التمست الصدق في كلامه لأن ما ذكره حقيقة ملموسة، فقد ذكر دولة الإمارات بذكر طيب وأشاد بالأنظمة والقوانين في دولة الإمارات وأشاد بالتطور العمراني والتكنولوجي وأشاد بتكاتف جميع شرائح المجتمع مع الدولة واسترسل في حديثه إلى كل ما هو طيب وإيجابي عن البلد وأهل البلد وكأن دبي بلده الأم، ومع أنه لم يعاصر المغفور له صاحب السمو الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان طيب الله ثراه أثناء عمله في دبي فإن سيرة المغفور له العطرة فاقت الكرة الأرضية؛ فالشعوب تتناقل الأفعال الطيبة من رجال عظماء وتغبط هذه الروح التي جازاها الله عز وجل بالطيب والعظمة في الحياة وبعد الممات فسير الصالحين تبقى فهم الحاضرون في كل زمان ومكان، فالسائق كما ذكر لي كان يسمع الكثير عن سيرة المغفور له صاحب السمو الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان العطرة وكان يتساءل عن حب الشعب الإماراتي والشعوب الأخرى له وهو منهم، يتساءل عن خبأته عن سره مع الله عز وجل، فأجبته ببساطة لأن الله أحبه وقبل أعماله فأحبه جميع خلقه وكيف لا تحبه الشعوب وهو المتواضع الطيب والبشوش لم تغره الدنيا ولم يصب بداء العظمة؛ فالعظيم يعلم أنه عظيم من دون أن يفاخر ويتبجح أو يتكبر أو أن يبطش وهذا رصيده رحمه الله من الدنيا حب الله والناس قد بسطت المعادلات الصعبة في الحب والولاء بعد الممات.

سائق الأجرة شخصية مهمة لا شك في ذلك، فسلطته في المعلومات التي يدفعها لزبونه قد يصبح كالصحيفة الصفراء أو كاللغة البيضاء وهو بالتأكيد واجهة البلد وسمعتها، حتماً يتأثر الراكب وخاصة السائح برأي السائق لأنه أول من يقابله ويتفاعل معه.