بعيداً عن التحليلات والقراءات في الملفات السياسية والأوضاع الاقتصادية التي اعتدت عليها في كتابة مقالاتي.. أتحدث اليوم عن الشخص الأهم في حياة كل إنسان.

مقالي هذا الأسبوع، أهديه لأغلى إنسانة في قلبي.. والدتي حفظها الله، هي أغلى ما يملك الإنسان، وأعز من يحتفظ به بقلبه.

هي الشخص الذي أعطاني الحب والحنان، من قبل ولادتي، وضحت بكل ما تملك من أجلي.. سهر الليالي كان أقل ما قدمته لي، والأمل حينما تغلق الدنيا أبوابها في وجهي.

أول شخص أطعمني، وسبقت دمعتها دمعتي حين الحزن، كما سبقت ضحكتها فرحتي حين المسرات، وحضنها هو ملجئي منذ لحظاتي الأولى في هذه الدنيا، وحتى يومنا هذا.

لم يقرب النوم من جفنها حينما أتألم من صداع بسيط، وقلبت حياتها رأساً على عقب منذ أن حملتني في بطنها، ولغاية الآن.

حينما كنت صغيرة، كنت أتضجر من قلقها وحرصها عليّ، وأراه مبالغة لا معنى لها، ولم أفهم أسباب رفضها لبعض من ضننتهم أصدقاء لي حينها، وحينما كبرت، وأصبحت أماً، وجدتني أكرر ما فعلته، وأيقنت حينها، أنها تسخر كل حواسها للحفاظ عليّ من كل شر وسوء ومكروه.

كل نصائحها في محلها، وكل كلمة قاسية وجهتها لي كانت ممزوجة بحب لا يفنى، وكل دمعة ذرفتها تحمل كماً هائلاً من المشاعر، وكل حضن احتوتني به، يسحب ما بي من هموم، ويمنحني طاقة للمستقبل.

هي الشخص الذي لا يكل ولا يمل من كل ما يقدمه، وعطاؤها لا يفنى، ومحبتها هي الأصدق على الإطلاق.

عندما كبرت، أدركت معنى الأم، وتمعنت حقاً في أن الأم لا يشبهها شيء في هذا الكون، وأن الكلمات لن تصفها، وأن كل ما قدمته لي، لا يمكن بأي حال من الأحوال مكافأته.

اكتشفت أيضاً، أنني مازلت بحاجتها، وأنا على وشك الدخول في العقد الخامس من عمري، ولكن حضنها، وكلماتها، ومجرد النظر إلى وجهها هو حقيقة جل ما أحتاجه، لأكمل بقية عمري.

ولست الوحيدة التي تحتاج إلى أمها، فبالأمس القريب، تشارك العالم أجمع بهذه الكلمات، والجميع يحتاج إلى أمه، صغيراً كان أم كبيرا، رئيس دولة، أو ملكاً، أو حتى أصغر طالب جامعي أو موظف في قرية نائية.. الجميع يحتاج إلى أمه.

حقيقة أن الجنة تحت أقدام الأمهات لا مناص لها، وأن الأم مدرسة إذا أعددتها أعددت شعباً طيب الأعراق، هي أيضاً لا جدال فيها.

حفظ الله لي أمي وأمهاتكم، وأطال في أعمارهن.. ورحم الله من فاضت أرواحهن إليه.