مواقع التواصل الاجتماعي جعلتنا في مجتمع صغير رغم التعددية، جعلت البعض يعيش في بيوت الآخرين، ويتقاسم معهم معيشتهم، بكافة تفاصيلها، جعلتهم يسافرون معهم في كل بلد يزورونه، جعلتهم يفرحون مع من يتابعون، ويحزنون على حزنهم، جعلتهم يعيشون مع مشاكلهم وفضائحهم، جعلتهم يكتسبون ثقافات جديدة، وإن كانت لا تناسبهم وتتنافى مع العادات والتقاليد. مواقع التواصل الاجتماعي جعلت من البعض ينحبس في قوقعة الوحدة رغم زخم الحياة واللهو والرفاهية والتجمعات التي يعيشها المتابع بالساعات مع من يتابعهم ويلهث وراءهم، وسائل التواصل الاجتماعي أصبحت منصة للتشهير والانتقاد، منصة إخبارية، وإن كانت بعض المعلومات والأخبار غير صحيحة. أصبحت ساحة معركة يخوض البعض معارك هي في الأساس ليست معاركهم، ولكن هي حال التفاعل الحي والمشاركة وإثبات الذات والتقليد الأعمى.

ماذا لو حجبت كل وسائل التواصل الاجتماعي في رمضان فقط وتوقف الجميع عن استخدام مواقع التواصل الاجتماعي؟ ماذا سيحدث؟ هل له جانب سلبي أم إيجابي؟ هل يرضينا كمتابعين؟ بالتأكيد لن يرضي المشاهير، هل سيهدئ الضجيج من حولنا والمبالغة في التعاطي مع شهر رمضان من الترفيه بدلاً من العبادة؟ ربما!

«لو ما كان عندنا» سوشال ميديا هل سيبالغ البعض في التزين لاستقبال ضيوف رمضان وفي النقصة والقرقاعون والقدوع وسفرة الإفطار والغبقة؟ هل انتقاد المسلسلات الرمضانية سيقل وستتحول ساحتها إلى الصحف وبعض البرامج الإذاعية؟ هل ستقل المصروفات عن أشياء لا نحتاجها ولكن تم تسويقها بطريقة مبتكرة وعصرية؟ ربما!

لو توقفت هذه المنصات الإعلامية هل سيكون لدينا متسع من الوقت لأنفسنا ومن حولنا وستزداد الزيارات والتواصل من غير كلفة وستزيد المحادثات والمناقشات في الأسرة الواحدة وبين الأصدقاء؟ ربما!

وبرغم سلبيات هذه المواقع فإنها بالتأكيد لها إيجابيات لن نتغافل عنها، هي منصة للتعبير عن الرأي، منصة تتيح تبادل ونقل الخبرات، ومعرفة كل ما هو جديد، وآخر الأخبار، منصة نتطلع فيها إلى ثقافات الآخرين، نقتبس كل ما يفيدنا ويناسبنا، وتتيح لنا أن نفهم ونقدر ونقيس ونوازن ونفهم عقول الآخرين ونبحر في حقائق قد نكون غافلين عنها، هل هذه المنصات تجذبنا لأن الواقع لم يعد يكفينا؟ ربما! وربما تحتمل الصح أو الخطأ.